الْقِسْمَيْنِ؛ وَمَا وَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ فِي قَوْلِهِ لَنَا طَلَاقٌ يَقَعُ بِلَا صَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَصُوَرُهُ بِاعْتِرَافِ الزَّوْجَيْنِ بِفِسْقِ الشُّهُودِ حَالَةَ الْعَقْدِ هُوَ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا فُرْقَةُ فَسْخٍ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا بِتَحْرِيكِ لِسَانِهِ بِكَلِمَةِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مَعَ اعْتِدَالِ سَمْعِهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ. (فَالصَّرِيحُ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ) فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ (الطَّلَاقُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ لِاشْتِهَارِهِ فِيهِ لُغَةً وَعُرْفًا (وَ) كَذَا (الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَاهُ. وَأَمْثِلَةُ الْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ كَطَلَّقْتُكِ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَا مُطَلَّقَةُ يَا طَالِقُ لَا أَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ فَلَيْسَا بِصَرِيحَيْنِ بَلْ كِنَايَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ إنَّمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِخَفَائِهِ فَهِيَ نِيَّةُ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ لَا نِيَّةُ مَعْنًى مُغَايِرٍ لِمَدْلُولِهِ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ) وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلَّفْظِ إشْعَارٌ قَرِيبٌ بِالْفُرْقَةِ وَلَمْ يَشِعْ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِإِيقَاعِهِ) لَوْ قَالَ لِإِرَادَتِهِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ. (إلَى نِيَّةٍ) وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا وَارِثُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَوَى؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى النِّيَّةِ يُمْكِنُ بِالْقَرَائِنِ اهـ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا فَسْخَ وَإِنْ حَصَلَ وَطْءٌ وَيَكُونُ وَطْءَ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالْحَالِ وَإِلَّا كَانَ زِنًا وَكَانَ الْأَوْجَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَمْ يُوجَدْ النِّكَاحُ مِنْ أَصْلِهِ.
قَوْلُهُ: (أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَقَعُ طَلَاقٌ بِنِيَّةٍ) خَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْعَدَدُ فَيَقَعُ بِالنِّيَّةِ. فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مَا ذَكَرَهُ وَقَعَ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَقَعُ الثَّلَاثُ مَعَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً؟ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَاحِدَةً حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِك مُتَوَحِّدَةً عَنْ الزَّوَاجِ أَيْ مُنْفَرِدَةً عَنْهُ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ مَعَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَلَيْسَ وَاحِدَةٌ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ طَلْقَةً وَاحِدَةً.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ) وَكَذَا مَا اُشْتُقَّ مِنْ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ إنْ ذَكَرَ الْمَالَ أَوْ نَوَاهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ) أَيْ أَوْ هُوَ نَفْسُهُ فِي نَحْوِ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ أَوْ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْدَرَ يَكُونُ صَرِيحًا إذَا وَقَعَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا أَوْ مُبْتَدَأً.
قَوْلُهُ: (كَطَلَّقْتُكِ) أَتَى بِالْكَافِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إذَا حُذِفَ الْمَفْعُولُ لَا يَقَعُ إلَّا إذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَلَاحَظَهُ كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ: طَلَّقْت زَوْجَتك؟ فَقَالَ: طَلَّقْت الْمَعْنَى طَلَّقْتهَا، فَإِذَا لَاحَظَ ذَلِكَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي، فَقَالَ: طَلَّقْت وَنَوَى الْمَفْعُولَ، أَيْ طَلَّقْتُك. وَكَذَا الْمُبْتَدَأُ أَوْ الْخَبَرُ إذَا حُذِفَ أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَلَاحَظَهُ، كَمَا إذَا قَالَ لَهُ شَخْصٌ: أَزَوْجَتُك طَالِقٌ؟ فَقَالَ: طَالِقٌ، التَّقْدِيرُ: زَوْجَتِي طَالِقٌ، أَوْ هِيَ طَالِقٌ، فَإِذَا لَاحَظَ ذَلِكَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. وَمِثَالُ الْخَبَرِ مَا إذَا قَالَ: نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَوْ وَزَوْجَتِي، التَّقْدِيرُ: طَالِقٌ، وَلَاحَظَ ذَلِكَ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْت نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَزَوْجَتِي فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْكُلِّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ اهـ:
فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ سَكَتَ سَكْتَةً طَوِيلَةً تَزِيدُ عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعِيِّ فَقَالَ زَوَّدْتُك أَلْفَ طَلْقَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ فَقَطْ أَمْ ثَلَاثٌ؟ وَأَجَابَ شَيْخُنَا ع ش: بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ الثَّانِي زَوَّدْتُك إلَخْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً وَلَمْ يَكُنْ سَبَقَهَا طَلْقَتَانِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةٍ أَمَّا بِكَسْرِهَا فَكِنَايَةُ طَلَاقٍ مِنْ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ