للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَعْيَانِ تَوَسُّعًا. وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرَ فَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا صَرِيحَانِ، وَكَذَا أَنْتِ مُفَارَقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَيَا مُفَارَقَةُ وَيَا مُسَرَّحَةُ، وَأَنْتِ فِرَاقٌ وَالْفِرَاقُ وَسَرَاحٌ وَالسَّرَاحُ كِنَايَاتٌ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ سَرَّحْتُك إلَى كَذَا كَانَ كِنَايَةً إنْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَلِفِ وَإِلَّا فَصَرِيحٌ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ مِنْ ذِرَاعِهِ أَوْ فَرَسِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَوْ أَتَى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ بَدَلَ الطَّاءِ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ تَالِقٌ كَانَ كِنَايَةً كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَالَ: نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ. وَتَرْجَمَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا دُونَ تَرْجَمَةِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَهُوَ الزَّوْجُ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ هُوَ الْمُطَلِّقُ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالطَّلَاقُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى: " أَوْ " وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " طَلَاقٌ ".

قَوْلُهُ: (فِي الْأَعْيَانِ) أَيْ فِي حَالَةِ الْإِخْبَارِ كَمَا هُوَ صُورَتُهُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَصْدَرُ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ الْأَخْبَارِ كَأَنْ قَالَ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَذَكَرَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (تَوَسُّعًا) لِكَوْنِ الْمَصْدَرِ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَلَمَّا كَانَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَعْيَانِ إلَّا تَوَسُّعًا كَانَ كِنَايَةً. قَوْلُهُ: (وَيَا مُفَارَقَةُ) أَيْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، أَمَّا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَكِنَايَةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (كِنَايَاتٌ) وَكَذَا أَنْتَ فُرْقَةٌ أَوْ سَرْحَةٌ أَوْ طَلْقَةٌ سم وَمِنْ الْكِنَايَةِ فَارْقِينِي. لَا يُقَالُ إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفِرَاقِ وَهُوَ صَرِيحٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ أَسْنَدَهُ إلَيْهَا وَالْفِرَاقُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ. وَحَاصِلُهُ تَقْيِيدُ الصَّرِيحِ بِمَا إذَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الصَّرَاحَةِ. قَوْلُهُ: (كَانَ كِنَايَةً) فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تُخْرِجُهَا عَنْ الصَّرَاحَةِ؛ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَصِيرُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَانَ كَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا قَالَ م ر. وَاَلَّذِي فِي م ر. مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ نَحْوِ مِنْ وَثَاقٍ مُلْحَقٌ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ مِنْ النِّيَّةِ قَبْلَ تَمَامِ الصِّيغَةِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ إذْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ، وَفِيهِ أَنَّهُ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ م ر. أَنَّهُ كِنَايَةٌ أَيْ عِنْدَ قَصْدِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ، وَبِمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ صَرَّحَ فِي الْفَتَاوَى. وَذَكَرَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر. مَا حَاصِلُهُ نَقْلًا عَنْ الشِّهَابِ: أَنَّهُ إنْ قَصَدَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ صِيغَةِ الطَّلَاقِ كَانَتْ صِيغَةُ الطَّلَاقِ كِنَايَةً إنْ نَوَى بِهَا طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا؛ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ) أَيْ وَتَلَفَّظَ بِذَلِكَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَنَوَاهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَلِفِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ ذِرَاعِهِ إلَخْ) فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيُشْتَرَطُ شُرُوطُهُ وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَتْ لُغَتَهُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى لِاخْتِلَافِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّلَاقِي بِمَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَالطَّلَاقُ مَعْنَاهُ الْفِرَاقُ. وَفَصَّلَ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ لُغَتَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَاعْتَمَدَ هَذَا التَّفْصِيلَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالطَّبَلَاوِيُّ؛ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتَهُ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ) فَلَوْ قَالَ: وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي، لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِعَطْفِهِ عَلَى مَا لَيْسَ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ مَعَ حَذْفِ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ وَهُوَ طَالِقٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ ضَعِيفًا، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ لَكِنَّ الْحُكْمَ هُنَا مُسَلَّمٌ. قَالَ ع ش: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَغْلَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْتَحُ لَهَا أَحَدٌ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَتَحَ لَهَا هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَهُوَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمَا ذُكِرَ اهـ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ، إنْ قَصَدَ طَلْقَةً مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَقَعَ وَاحِدَةً وَإِنْ قَصَدَ تَعَدُّدَ الطَّلَاقِ بِتَعَدُّدِ الْمَذَاهِبِ وَقَعَ ثَلَاثًا.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>