للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهَا كِنَايَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي صَرَاحَتِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ فَضَعُفَا بِالتَّرْجَمَةِ. (وَلَا يَفْتَقِرُ) وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِصَرِيحِهِ (إلَى النِّيَّةِ) إجْمَاعًا إلَّا فِي الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ النِّيَّةُ إنْ نَوَاهُ وَقَعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْوَكِيلُ فِي الطَّلَاقِ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ إذَا طَلَّقَ عَنْ مُوَكِّلِهِ بِالصَّرِيحِ النِّيَّةُ إنْ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ زَوْجَةٌ أُخْرَى كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْخَادِمِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ زَوْجَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزٍ، قَالَ: أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمُوَكِّلِهِ غَيْرُهَا فَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ نَظَرٌ لِتَعَيُّنِ الْمَحَلِّ الْقَابِلِ لِلطَّلَاقِ مِنْ أَهْلِهِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُقَالُ إنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ وَلَا يَكْفِي قَصْدُ حُرُوفِ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَعْنَاهُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ الْإِيقَاعِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ.

فُرُوعٌ:

قَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فَرْضٌ عَلَيَّ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَسَكَتَ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إنَّهُ صَرِيحٌ؛ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. وَقَوْلُهُ لَهَا طَلَّقَك اللَّهُ وَلِغَرِيمِهِ أَبْرَأَك اللَّهُ وَلِأَمَتِهِ أَعْتَقَك اللَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعِتْقِ، إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُبْرِئُ اللَّهُ وَلَا يَعْتِقُ اللَّهُ وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَاعَك اللَّهُ أَوْ أَقَالَك اللَّهُ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَتَرْجَمَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ: سن بوش فسن أَنْت وبوش طَالِقٌ؛ أَفَادَهُ الْبَابِلِيُّ.

قَوْلُهُ: (إلَى النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ إيقَاعِهِ هَذَا هُوَ الْمَنْفِيُّ، أَمَّا نِيَّةُ قَصْدِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا إنْ كَانَ هُنَاكَ صَارِفٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْمُكْرَهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ الْإِيقَاعِ وَقَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ فَصَرِيحُهُ كِنَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (إنْ نَوَاهُ وَقَعَ عَلَى الْأَصَحِّ) وَلَيْسَ لَنَا صَرِيحٌ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ إلَّا هَذَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْوَكِيلُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ نِيَّةُ الزَّوْجَةِ لَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ قِ ل. وَصُورَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَهُ زَوْجَتَانِ وَعَيَّنَ لَهُ وَاحِدَةً وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا فَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ قَصْدُهَا بِالطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ لَفْظُهُ صَرِيحًا.

قَوْلُهُ: (النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَرَدُّدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (فَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الزَّوْجَةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ أَهْلِ الطَّلَاقِ، أَيْ الْأَهْلِ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ الْوَكِيلُ.

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ) دَخَلَ فِيهِ الْهَازِلُ وَاللَّاعِبُ وَمَنْ ظَنَّ مُخَاطَبَتَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَإِذَا هِيَ زَوْجَتُهُ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَالْحَاكِي فَإِنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَعْنَاهُ) كَالْعِتْقِ فَلَوْ قُلْت لِمَنْ يَضْرِبُ عَبْدَك عَبْدٌ مَا هُوَ لَك حُرٌّ مِثْلُك لَمْ يَعْتِقْ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ) فَخَرَجَ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِقَوْمٍ تَضَجَّرَ مِنْهُمْ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا فِيهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ لَهُ هُوَ الْفِرَاقُ اللُّغَوِيُّ لَا الْخَاصُّ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا فَلَا يَقَعْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لَازِمٌ لِي) أَوْ يَلْزَمُنِي وَمِثْلُهُ طَلَاقُك لَازِمٌ لِي كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ، وَقِيلَ إنَّهُ كِنَايَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَقِيلَ لَغْوٌ سم.

قَوْلُهُ: (لِلْعُرْفِ) أَيْ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ؛؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عُرْفًا بِخِلَافِ الْوَاجِبِ زي.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَيَقَعُ بِهِ وَاحْتِمَالُهُ الطَّلَاقُ فَرْضٌ عَلَيَّ فَلَا يَقَعُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) مُعْتَمَدٌ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ بِالثَّلَاثِ إنْ رُحْت دَارَ أَبِيك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَاحَتْ وَقَعَ الثَّلَاثُ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر، وَقَالَ وَلَدُهُ يَقَعُ طَلْقَةً فَالْأَوَّلُ قَسَمٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صَرَاحَةٍ عَلَى الْفِرَاقِ أَوْ السَّرَاحِ سم.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ) الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْإِبْرَاءِ إلَّا بَعْدَ صُدُورِ طَلَاقٍ مِنْ الزَّوْجِ وَصُدُورِ عِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا) أَيْ فِي نَحْوِ طَلَّقَك اللَّهُ قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>