(وَ) أَنْتِ (حَرَامٌ) أَيْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ مَمْنُوعَةٌ لِلْفُرْقَةِ. (وَ) أَنْتِ (كَالْمَيِّتَةِ) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ شَبَّهَ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَتَحْرِيمِ الْمَيِّتَةِ وَاغْرُبِي بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ، وَأَمَّا اُعْزُبِي بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَاهُ كَمَا سَيَأْتِي. (وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك) أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا. (وَتَقَنَّعِي) أَيْ اُسْتُرِي رَأْسَك بِالْقِنَاعِ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَالْقِنَاعُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْمِقْنَعَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَمَحَاسِنَهَا. (وَابْعُدِي) أَيْ مِنِّي؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَاذْهَبِي) أَيْ عَنِّي؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَهُمَا بِمَعْنَى اُعْزُبِي بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ (وَالْحَقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَجَعَلَهُ الْمُطَرِّزِيُّ خَطَأً أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا. أَهْلٌ أَمْ لَا. (وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَأَنْتِ حَرَامٌ) وَكَذَا عَلَيَّ الْحَرَامُ فَكِنَايَةٌ إنْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ أَيْ عَلَيَّ وَمِثْلُهُ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَبَدًا وَمِثْلُ عَلَيَّ الْحَرَامُ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي. اهـ. ز ي. وَقَوْلُهُ " عَلَيَّ الْحَلَالُ " كِنَايَةٌ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ع ش: وَخَرَجَ بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مَا لَوْ حَذَفَ أَنْتِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِ تُعْطِي أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ كَالشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ؛ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي كِنَايَةٌ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ حَيْثُ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.
فَرْعٌ: يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ عَلَيَّ الْحَرَامُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ الْحَرَامَ عِنْدَ مَالِكٍ مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَانَ حَلِفًا بِالثَّلَاثِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ نِيَّةَ الْعَدَدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ فَلَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ الْعَدَدِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُنْظَرْ فِيهِ اهـ، كَذَا بِخَطِّ الرَّشِيدِيِّ. وَمِنْ الْكِنَايَةِ أَيْضًا مَا لَوْ زَادَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَاظًا تُؤَكِّدُ بَعْدَهُ عَنْهَا كَأَنْتِ حَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ أَوْ كَالْمَيْتَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ كَمَا حَرُمَ لَبَنُ أُمِّي أَوْ إنْ أَتَيْتُك أَتَيْتُك مِثْلَ أُمِّي وَأُخْتِي أَوْ مِثْلَ الزَّانِي فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً، وَلَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا ذَاهِبَةٌ بَيْتَ أَبِي مَثَلًا فَقَالَ لَهَا الْبَابُ مَفْتُوحٌ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَاهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ اُبْعُدِي وَاذْهَبِي فَإِنَّهُمَا بِمَعْنَى اُعْزُبِي. قَوْلُهُ: (أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك) أَتَى الشَّارِحُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْكِنَايَاتِ بِالْمَعْنَى الْمُوقِعِ لِلطَّلَاقِ وَتَرَكَ الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ غَيْرَهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَابْعُدِي) بِضَمِّ الْعَيْنِ كَشَرُفَ يَشْرُفُ.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا بِمَعْنَى اُعْزُبِي) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ صِيرِي عَزَبًا، وَهُوَ بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ دَخَلَ وَجَلَسَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.
قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ) أَيْ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَتَى كَانَتْ مَكْسُورَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَفْتُوحَةً مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ لِلْقَطْعِ تَثْبُتُ فِي الْحَالَيْنِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ " فَتْحُ الْحَاءِ " أَيْ مِنْ الْحَقِي.
قَوْلُهُ: (وَجَعَلَهُ الْمُطَرِّزِيُّ خَطَأً) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَمَّا لَوْ قُدِّرَ لَهُ مَفْعُولٌ كَلَفْظِ نَفْسِك، فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ " وَجَعَلَهُ الْمُطَرِّزِيُّ خَطَأً " وَجْهُهُ أَنَّ الثُّلَاثِيَّ تُكْسَرُ هَمْزَةُ الْأَمْرِ فِيهِ عِنْدَ الْأَمْرِ بِهِ نَحْوُ اعْلَمِي، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مِنْ الْحَقْ الرُّبَاعِيِّ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ الْحَقْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك) هَلْ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ الْإِخْبَارُ بِالطَّلَاقِ فِيمَا مَضَى أَوْ الْإِنْشَاءُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَمَا أَشْبَهَ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ اذْهَبِي يَا مُسَخَّمَةُ يَا مُلَطَّمَةُ. وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَنَا مِنْ دَاخِلِ يَمِينِك فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي حَقِّ الثَّانِي كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَمِنْهَا أَنْتِ بَارِزَةٌ مِنِّي وَمِثْلُهُ نَزَلْت عَنْك.
فَرْعٌ: حَرَّرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَصِّلْ ثَلَاثًا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا وَإِنْ فَصَلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا كَانَ كَالْكِنَايَةِ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ وَبَيَانٌ لَهُ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا وَلَمْ يُؤَثِّرْ مُطْلَقًا اهـ كَذَا بِخَطِّ الرَّشِيدِيِّ.