للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا حُرِّيَّةَ الزَّوْجَةِ لِمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَالِثَةً كَذِمِّيٍّ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّالِثَةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِالطَّلْقَتَيْنِ، وَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ السَّابِقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَإِنَّهَا تَعُودُ لَهُ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ) لِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَلِصِحَّتِهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: وَهِيَ (إذَا وَصَلَهُ بِهِ) أَيْ بِالْيَمِينِ وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَرَّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ» وَهُوَ شَامِلٌ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (قَدْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَالِثَةً) فِيهِ تَجَوُّزٌ لَا يَخْفَى لِكَوْنِهِ كَانَ حُرًّا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

فَرْعٌ: لَوْ طَلَّقَ أَحَدَهُمَا دُونَ مَالِهِ ثُمَّ رَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ وَإِذَا اسْتَوْفَى مَالَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ عَادَتْ بِمَالِهِ اهـ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَلِحُرٍّ ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهِ ثِنْتَانِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ لَا، فَمَنْ طَلَّقَ دُونَ مَالِهِ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ لَهُ بِبَقِيَّتِهِ أَيْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ آخَرَ، فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ، أَمَّا مَنْ طَلَّقَ بِمَالِهِ فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ اهـ وَقَوْلُهُ " وَلِغَيْرِهِ " أَيْ حَالَ تَطْلِيقِهِ وَإِنْ طَرَأَ عِتْقُهُ بَعْدُ، فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَادَتْ لَهُ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا، وَلَوْ تَقَارَنَا كَأَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ وَعَلَّقَ الْعَبْدُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِهَا فَوَجَدَتْ مِلْكَ الثَّلَاثِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: " حُرَّةً أَمْ لَا " خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِهِ الزَّوْجَةَ كَالْعِدَّةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا.

قَوْلُهُ: (كَذِمِّيٍّ) أَيْ حُرٍّ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُرِقَّ) أَيْ بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا) أَيْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْقَطِعُ بِرِقِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حُرًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَنْهَجُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً إلَخْ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْخِلَافِ، وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ الثَّانِي أَوْلَى بِمِلْكِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (وَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ السَّابِقَ) ظَاهِرُهُ بَقَاءُ النِّكَاحِ السَّابِقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَمُرَادُهُ الْحِلُّ بِالنِّكَاحِ أَيْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ حِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) مُشْتَقٌّ مِنْ الثَّنْيِ أَيْ الرُّجُوعِ وَالصَّرْفِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ؛ وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَلَا عُمُومَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِي الطَّلَاقِ) وَكَذَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِالطَّلَاقِ لِدَفْعِ تَكْرَارِهِ مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ، وَأَيْضًا الْكَلَامُ فِي الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ بِجَعْلِ التَّلَفُّظِ مَعَ الْإِسْمَاعِ شَرْطًا وَإِنْ كَانَا شَرْطَيْنِ، بِدَلِيلِ أَخْذِ مُحْتَرَزِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخَمْسَةِ مَعْرِفَةَ مَعْنَاهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهَا قَصْدُهُ رَفْعَ حُكْمِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ.

قَوْلُهُ: (إذَا وَصَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى.

قَوْلُهُ: (بِهِ أَيْ بِالْيَمِينِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْمُطَلِّقِ قَدْ لَا تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْحَلِفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: بِهِ " أَيْ بِالْيَمِينِ، لَوْ قَالَ أَيْ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَعَمَّ وَأَوْلَى اهـ؛ أَيْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ كَمَا عَلِمْت، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْحَلِفِ لَا لِلْيَمِينِ وَالْيَمِينُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، أَيْ فَيَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَذَا إنْ أَخَّرَهُ، فَإِنْ قَدَّمَهُ كَانَتْ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>