للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَاةٍ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، أَوْ مَاتَ عَنْ مُطَلَّقَةٍ بَائِنٍ فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ وَفَاةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحُرَّةِ الْأَمَةُ وَسَتَأْتِي فِي كَلَامِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَغَيْرُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) الْمُعْتَدَّةُ عَنْ فُرْقَةِ طَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ بِعَيْبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ (إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَحِينَئِذٍ ثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَهِلَّةٍ بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ قَوْلُهُ: (انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ) : أَيْ مَعَ حُسْبَانِ مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (الْمُعْتَدَّةُ عَنْ فُرْقَةِ طَلَاقٍ) أَيْ وَقَدْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ مَجْنُونًا وَمُكْرَهًا وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ، وَكَذَا بِذَكَرِ أَشَلَّ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ حَالَ خُرُوجِهِ.

وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ فِيمَا يَظْهَرُ. كَمَا لَوْ خَرَجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ دُونَ اعْتِقَادِهِ وَإِنْ عَكَسْنَا فِي الْعَكْسِ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الِاحْتِيَاطُ فِيهَا وَهَلْ خُرُوجُهُ بِاسْتِمْنَاءٍ بِيَدِهِ كَخُرُوجِهِ بِالزِّنَا بِجَامِعِ حُرْمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِذَاتِهِ حَتَّى لَا تَجِبَ الْعِدَّةُ بِاسْتِدْخَالٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ الْمُنْعَقِدُ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ. سم ثُمَّ قَالَ: فِي مَسْأَلَةِ الْمُكْرَهِ بَعْدَ إطَالَةِ الْكَلَامِ فِيهَا وَنَقَلَهُ عَنْ الشِّهَابِ مَرَّ، بِأَنَّهُ أَفْتَى بِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ لِعَدَمِ احْتِرَامِ وَطْئِهِ، بِدَلِيلِ الْإِثْمِ بِهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَيْضًا وَلَا إشْكَالَ عَلَى هَذَا فِي عَدَمِ اللُّحُوقِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِمْنَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَقَوْلُهُ: الْمُحْتَرَمِ حَالَ خُرُوجِهِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ اشْتَرَطَ الِاحْتِرَامَ دُخُولًا وَخُرُوجًا وَقَوْلُهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ: إنَّ الْمَنِيَّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ، غَايَتُهُ ظَنٌّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ النَّسَبِ، بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ بِالذَّكَرِ الْأَشَلِّ دُونَ الْمُبَانِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

وَلَوْ مُسِخَ شَخْصٌ وَمَعَهُ زَوْجَةٌ هَلْ تَعْتَدُّ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَمْ بِعِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ يُنْظَرُ، فَإِنْ مُسِخَ حَجَرًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ النِّصْفَ الْأَعْلَى اعْتَدَّتْ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِنْ مُسِخَ حِمَارًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ النِّصْفَ الْأَعْلَى اعْتَدَّتْ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ مُسِخَ الْبَعْضُ كَذَا وَالْبَعْضُ كَذَا فَالْعِبْرَةُ بِالنِّصْفِ الْأَعْلَى، وَلَوْ مُسِخَ نِصْفُهُ طُولًا حَجَرًا وَنِصْفُهُ الْآخَرُ طُولًا حَيَوَانًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ مُسِخَ كُلُّهُ حَيَوَانًا سم نَقْلًا عَنْ مَرَّ. فَلَوْ اعْتَدَّتْ زَوْجَةُ الْمَمْسُوخِ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَانْتَقَلَتْ تَرَكَتْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَعَادَ ذَلِكَ الْمَمْسُوخُ إلَى أَصْلِهِ لَا تَعُودُ لَهُ زَوْجَتُهُ وَلَا تَرَكَتْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ وَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ وَقُسِمَتْ تَرِكَتُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ مَوْتِهِ، فَإِنَّ زَوْجَتَهُ وَتَرِكَتَهُ يَعُودَانِ لَهُ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ كَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ. الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ حَالَ خُرُوجِهِ فَقَطْ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ حَالَ الدُّخُولِ، كَمَا إذَا احْتَلَمَ الزَّوْجُ وَأَخَذَتْ الزَّوْجَةُ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا ظَانَّةً أَنَّهُ مَنِيُّ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ هَذَا مُحْتَرَمٌ حَالَ الْخُرُوجِ، وَغَيْرُ مُحْتَرَمٍ حَالَ الدُّخُولِ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِهِ إذَا طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فِي الْحَالَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ مَرَّ دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ وَقْتَ الْإِنْزَالِ، وَلَا أَثَرَ لِوَقْتِ اسْتِدْخَالِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَإِنْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ فَقَطْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَأَمْنَى ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ عَالِمَةٌ بِالْحَالِ، أَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ اهـ.

وَفِي قل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ بِأَنْ يَكُونَ حَالَ خُرُوجِهِ مُحْتَرَمًا لِذَاتِهِ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَشَمِلَ الْخَارِجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ مَثَلًا وَبِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهَا أَوْ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا فَإِذَا اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً عَالِمَةً بِحَالِهِ وَجَبَ بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْحَرَامُ فِي ظَنِّهِ وَالْوَاقِعُ مَعًا كَالزِّنَا وَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، وَأَلْحَقَ بِهِ شَيْخُنَا الْخَارِجَ بِالنَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ الْمُحَرَّمِ فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>