للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُسْلُ عَنْهُمَا لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْأَكْبَرِ، فَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا رِجْلَيْهِ أَوْ إلَّا يَدَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَهُمَا لِارْتِفَاعِ حَدَثِهِمَا بِغَسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَجِبْ إعَادَةُ غَسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ. وَهَذَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَعَنْ التَّرْتِيبِ، وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْهُ بَلْ وُضُوءٌ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُهَا، وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ طَهَّرَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ شَرَعَ فِي سُنَنِهِ فَقَالَ: (وَسُنَنُهُ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ) بِالْمَدِّ غَيْرُ مَصْرُوفٍ جَمْعُ شَيْءٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالنَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَيْهَا سَبْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِهَا سَبْعًا؟ . قُلْت: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَأَمَّا الْعَدَدُ فَهُوَ ذَوَاتٌ مَقْصُودَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الصِّفَةِ التَّابِعَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّوَاتِ الْمَقْصُودَةِ اهـ. م ر ع ش.

قَوْلُهُ: (وَأَجْنَبَ) عَطْفٌ بِالْوَاوِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ فِيهِمَا اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) بَلْ، وَإِنْ نَفَاهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (فِي الْأَكْبَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْدِرَاجٍ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ اغْتَسَلَ) أَيْ عَنْ الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (تَوَضَّأَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ غَسَلَ بَاقِي الْأَعْضَاءِ مُرَتَّبَةً لِلْأَصْغَرِ، وَلَهُ تَأْخِيرُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَتَوْسِيطُهُ شَرَحَ م ر.

قَوْلُهُ: (ابْنُ الْقَاصِّ) وَاسْمُهُ أَحْمَدُ وَسُمِّيَ أَبُوهُ بِالْقَاصِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُصُّ الْأَخْبَارَ عَلَى النَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ خِلِّكَانَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَاضِي وَكُلٌّ صَحِيحٌ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ خَالٍ عَنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ وَهُوَ الْبَاقِي يَقَعُ مُرَتَّبًا، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لِوُجُوبِهِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ، وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاصِّ نَظَرَ إلَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ عَنْ الْوُضُوءِ الدَّاخِلِ فِي غَسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ مَثَلًا، وَبَدَّلَ لَهُ مَا بَعْدَهُ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ) الْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَهُوَ إنْكَارُ قَوْلٍ صَحِيحٍ لِابْنِ الْقَاصِّ، وَيَكُونُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَوْ فِي الْوَسَطِ كَانَ خَالِيًا عَنْ التَّرْتِيبِ، وَإِنْ غَسَلَ عُضْوًا بَعْدَ عُضْوٍ اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَبَعْدَ هَذَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَغْلِيظٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَسَلَ) أَيْ الْجُنُبُ بَدَنَهُ بِالنُّونِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْفَرَاغِ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ أَيْ هَلْ نَوَى الْوُضُوءَ أَوْ لَمْ يَنْوِ ضَرَّ مُطْلَقًا قَبْلَ الْفَرَاغِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَّا إنْ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيْ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ الَّذِي صَلَّى بِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي شَرْطِهَا بَعْدَهَا وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءُ صَلَاةٍ أُخْرَى بِهَذَا الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (عَشَرَةُ أَشْيَاءَ) أَيْ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي شَيْئَيْنِ، وَبَعْدَ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَالْأَصَابِعِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَاتُهَا مُخْتَلِفَةً. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَصْرُوفٍ) وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْ الصَّرْفِ أَلِفُ التَّأْنِيثِ الْمَمْدُودَةُ.

قَوْلُهُ: (جَمْعُ شَيْءٍ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ لِشَيْءٍ كَطُرَفَاءَ اسْمُ جَمْعٍ لِطَرَفِهِ وَهِيَ شَجَرُ الْأَثْلِ لَا جَمْعَ لَهُ، وَالرَّاجِحُ فِي تَصْرِيفِهِ أَنَّ أَصْلَهُ شَيْئَاءُ عَلَى وَزْنِ حَمْرَاءَ فَنُقِلَتْ هَمْزَتُهُ الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُفْرَدِ وَهِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ إلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ هَمْزَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، فَوَزْنُهُ لَفْعَاءُ فَمُنِعَتْ مِنْ الصَّرْفِ لِأَلِفِ التَّأْنِيثِ الْمَمْدُودَةِ، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي وَزْنِهَا فَقَالَ:

فِي وَزْنِ أَشْيَاءَ بَيْنَ الْقَوْمِ أَقْوَالُ ... قَالَ الْكِسَائِيُّ إنَّ الْوَزْنَ أَفْعَالُ

وَقَالَ يَحْيَى بِحَذْفِ اللَّامِ فَهِيَ إذَنْ ... أَفْعَاءُ وَزْنًا وَفِي الْقَوْلَيْنِ إشْكَالُ

وَسِيبَوَيْهِ يَقُولُ الْقَلْبُ صَيَّرَهَا ... لَفْعَاءَ فَافْهَمْ فَذَا تَحْصِيلُ مَا قَالُوا

وَلِلشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ:

أَشْيَاءُ لَفْعَاءُ فِي وَزْنٍ وَقَدْ قَلَبُوا ... لَامًا لَهَا وَهِيَ قَبْلَ الْقَلْبِ شَيْئَاءُ

وَقِيلَ أَفْعَالُ لَمْ تُصْرَفْ بِلَا سَبَبٍ ... مِنْهُمْ وَهَذَا لِوَجْهِ الرَّدِّ إيمَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>