للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» وَقَاسَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَأَخَذَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهَا وَأُلْحِقَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ أَيِسَتْ بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ مِنْ سَهْمِ جَلُولَاءَ فَنَظَرْت إلَيْهَا فَإِذَا عُنُقُهَا مِثْلُ إبْرِيقِ الْفِضَّةِ فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ قَبَّلْتهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَجَلُولَاءُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ قَرْيَةٌ مِنْ نَوَاحِي فَارِس وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا جَلُولِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فُتِحَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ فَبَلَغَتْ غَنَائِمُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ وَفَارَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ غَيْرَهَا فَإِنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْلَدَةَ حَرْبِيٍّ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا حَرُمَ وَطْؤُهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِمَاءِ حَرْبِيٍّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ

ثُمَّ (إنْ كَانَتْ) أَيْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ لَا لِتَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ قَبْلَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّجِهُ لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِهِ: إلَخْ أَيْ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَفْهُومِ مَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ فَيَشْمَلُ الْمَنْطُوقَ وَالْمَفْهُومَ، وَاسْتَدَلَّ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ، ثُمَّ قَالَ وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْجَامِعُ الْمَذْكُورُ يُنَاسِبُهُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (أَوْطَاسٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمُ وَادٍ مِنْ هَوَازِنَ عِنْدَ حُنَيْنٍ ق ل وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمِصْبَاحِ وَالتَّهْذِيبِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ أَوْ مَصْرُوفٌ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ وَفِي ع ش أَوْطَاسٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَوْضِعٌ اهـ فَهُوَ مَصْرُوفٌ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّرْفُ مَا لَمْ يَرِدْ سَمَاعٌ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ.

قَوْلُهُ: (أَلَا لَا تُوطَأُ) أَلَا أَدَاةُ اسْتِفْتَاحٍ وَتَنْبِيهٍ. أَيْ انْتَبِهُوا لِمَا أَقُولُ لَكُمْ.

قَوْلُهُ: (وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ) فَالْمَقِيسُ غَيْرُ الْمَسْبِيَّةِ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَطْءِ عَلَى الْمَسْبِيَّةِ فِي حُرْمَةِ وَطْئِهَا وَأَمَّا حُرْمَةُ غَيْرِ الْوَطْءِ، فَمِنْ دَلِيلٍ آخَرَ ثَبَتَ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ.

قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ وَقَوْلُهُ: بِمَنْ تَحِيضُ مُتَعَلِّقٌ بِأُلْحِقَتْ وَعَبَّرَ هُنَا بِالْإِلْحَاقِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِالْقِيَاسِ تَفَنُّنًا. وَالْمُلْحِقُ وَالْقَائِسُ هُوَ الشَّافِعِيُّ وَأَبْهَمَهُ فِي الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُلْحِقَ هُوَ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَبِمَنْ تَحِيضُ أَيْ وَأُلْحِقَ بِمَنْ تَحِيضُ مَنْ لَا تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ إلَخْ قَوْلُهُ: (مِنْ سَهْمِ) الْأَوْلَى أَسْهُمِ أَوْ إبْدَالِ سَهْمٍ بِسَبْيٍ.

قَوْلُهُ: (جَلُولَاءَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ. لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَبَّلَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إلَخْ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ جَلُولَاءَ كَانُوا مُعَاوِنِينَ لِهَوَازِنَ، لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَصَادَفَ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِمْ سُبِيَتْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ حَرْبَ جَلُولَاءَ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمُدَّةٍ، لِأَنَّ ذَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَرْبِ الْمَنْسُوبِ لَهُمْ لِكَوْنِهِمْ الْمُحَرِّكِينَ لَهُ وَالْمُتَعَاطِينَ لِإِنْشَائِهِ.

وَهَذَا إنَّمَا كَانَ لِهَوَازِنَ وَإِنْ اتَّفَقَ مُوَافَقَةُ بَعْضٍ مِنْ جَلُولَاءَ لَهُمْ مُعَاوَنَةٌ، فَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِمْ بَلْ لِهَوَازِنَ اهـ. كَمَا فِي ع ش قَوْلُهُ: (مِثْلُ إبْرِيقِ الْفِضَّةِ) : الْمُرَادُ بِهِ السَّيْفُ لِشِدَّةِ بِرِيقِهِ وَلَمَعَانِهِ. لِأَنَّ السَّيْفَ يُسَمَّى إبْرِيقُ الْفِضَّةِ فِي اللُّغَةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ أَتَمَالَكْ) : أَيْ الصَّبْرَ عَنْ تَقْبِيلِهَا قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ) أَيْ لَا فِي التَّقْبِيلِ وَلَا فِي الْإِخْبَارِ أَيْ فَصَارَ إجْمَاعًا اهـ. فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ ارْتَكَبَ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَنَّ مَقَامَ الصَّحَابِيِّ يَأْبَى ذَلِكَ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَسْتَحْيِ مِنْهُ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ إغَاظَةً لِأَهْلِ الْكُفْرِ الَّذِينَ مِنْهُمْ هَذِهِ الْمَسْبِيَّةُ، حَيْثُ يَبْلُغُهُمْ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ بَنَاتِ عُظَمَائِهِمْ فَهُوَ طَاعَةٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ مِقْيَاسٍ) وَالْقِيَاسُ جَلُولَاوِيٌّ كَصَحْرَاوِيٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ:

وَهَمْزُ ذِي مَدٍّ يَنَالُ فِي النَّسَبِ ... مَا كَانَ فِي تَثْنِيَةٍ لَهُ انْتَسَبَ

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْيَرْمُوكِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَمِيمٍ وَادٍ قُرْبَ دِمَشْقَ.

قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ) أَيْ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ مِنْ الْإِمَاءِ وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمَائِهِ) أَيْ مَاءِ السَّابِي وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ لِمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>