للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمَةُ الَّتِي يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. (مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ) فَاسْتِبْرَاؤُهَا يَحْصُلُ (بِحَيْضَةٍ) وَاحِدَةٍ بَعْدَ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَا يَكْفِي بَقِيَّةُ الْحَيْضَةِ الَّتِي وُجِدَ السَّبَبُ فِي أَثْنَائِهَا وَتَنْتَظِرُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْكَامِلَةِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ كَالْمُعْتَدَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِبَقِيَّةِ الْحَيْضَةِ كَمَا اكْتَفَى بِبَقِيَّةِ الطُّهْرِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا يَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ

(وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ) لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ فَاسْتِبْرَاؤُهَا يَحْصُلُ (بِشَهْرٍ) فَقَطْ فَإِنَّهُ كَقُرْءٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ التَّعَبُّدُ.

قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَخْتَلِطَ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّحِمَ لَا يَجْتَمِعُ فِيهِ مَنِيُّ رَجُلَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ لِاخْتِلَاطِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْنَا بِمَعْنَى أَنَّنَا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّحِمَ إذَا انْسَدَّ فَمُهُ لَا يَقْبَلُ مَنِيًّا آخَرَ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِحَيْضَةٍ) لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلشَّرْطِ فَأَصْلَحَهُ الشَّارِحُ فَجَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالْمَحْذُوفُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَاسْتِبْرَاؤُهَا يَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَاقِي وَإِذَا قَالَتْ مُسْتَبْرَأَةٌ: حِضْتُ صُدِّقَتْ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ، فَلِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا، وَهَذَا حَيْثُ أَمْكَنَ كَمَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى رَحِمِهَا حَيْضًا وَطُهْرًا لَا نَسَبًا وَاسْتِيلَادًا وَإِذَا صَدَّقْنَاهَا وَظَنَّ كَذِبَهَا فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ادَّعَتْ التَّحْلِيلَ فَظَنَّ كَذِبَهَا بَلْ أَوْلَى أَوْ لَا يَحْرُمُ وَيُفَرَّقُ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ مَنَعَتْ السَّيِّدَ مِنْ تَمَتُّعٍ بِهَا فَقَالَ: أَنْتِ حَلَالٌ لِي لِأَنَّك اخْتَرْتِينِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَأُبِيحَتْ لَهُ ظَاهِرًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ لِأَمَانَتِهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ مَا دَامَتْ تَتَحَقَّقُ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ.

أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا حِضْتِ فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ وَرِثَ أَمَةً فَادَّعَتْ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِوَطْءِ مُوَرِّثِهِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا إلَّا بِوَطْءٍ مِنْهُ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُخُولِ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ فِيهِ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إنْ ثَبَتَ دُخُولُ مَائِهِ وَإِلَّا فَلَا وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِاللُّحُوقِ وَعَدَمِهِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مُجَرَّدُ مِلْكِهِ لَهَا فَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ وَلَدٌ إجْمَاعًا وَإِنْ خَلَا بِهَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُ الْوَلَدَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ اعْتِمَادُهُ مِنْ تَنَاقُضٍ لَهُمَا. وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ الْقَوْلَ بِاللُّحُوقِ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ الْجَمْعِ بِحَمْلِ اللُّحُوقِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْأَمَةِ م ر فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ) أَيْ انْتِقَالِ مِلْكِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْجَدِيدِ) وَمُقَابِلُهُ بِطُهْرٍ.

قَوْلُهُ: (وَتَنْتَظِرُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ) الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَتْ تَحِيضُ ثُمَّ انْقَطَعَ حَيْضُهَا فَإِنَّهَا تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ، فَتُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ تَبْلُغَ سِنَّ الْيَأْسِ فَتُسْتَبْرَأَ بِشَهْرٍ.

قَوْلُهُ: (الْكَامِلَةَ) بِنَصَبِ الْكَامِلَةِ مَفْعُولُ تَنْتَظِرُ أَيْ الْحَيْضَةَ الْكَامِلَةَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَهُوَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ يَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ كَامِلَةٍ وَتَنْتَظِرُ أَيْ تَنْتَظِرُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْحَيْضَةَ الْكَامِلَةَ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ اسْتَبْرَأَتْ بِشَهْرٍ كَالْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَلَا يَكْفِي بَقِيَّةُ الْحَيْضَةِ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَتَنْتَظِرُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ أَيْ تَسْتَعْقِبُهَا الْحَيْضَةُ إلَخْ فَالْحَيْضَةُ فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: أَنْ تَسْتَعْقِبَ مَعْنَى تَطْلُبُ أَوْ تَسْتَلْزِمُ فَيَكُونُ مَفْعُولًا قَوْلُهُ: (وَهَذَا يَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ) أَيْ يَسْتَلْزِمُهُ فَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ الْحَيْضُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ لَهُ أَيْ الطُّهْرِ.

قَوْلُهُ: (بِشَهْرٍ) أَيْ مَا لَمْ تَحِضْ فِيهِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهِ اسْتَبْرَأَتْ بِالْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ كَقُرْءٍ فِي الْحُرَّةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا غَالِبًا اهـ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا غَالِبًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْحَيْضُ وَالطُّهْرُ مَعًا مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ لِوُجُودِ الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلطُّهْرِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُنَا الْحَيْضُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مَا يَحْصُلُ بِالْحَيْضَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>