للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَافِرِ، الْمَعْصُومِ وَعَكْسُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ الْبَعْضِيَّةُ كَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ كَالْمِيرَاثِ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّاصِرَةِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ عِنْدَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَخَرَجَ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ بِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّقِيقُ مُبَعَّضًا وَلَا مُكَاتَبًا. فَإِنْ كَانَ مُنْفِقًا عَلَيْهِ فَهِيَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ مُنْفِقًا فَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمُعْسِرِ. وَالْمُعْسِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ مُنْفِقًا فَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ تَامَّةٌ لِتَمَامِ مِلْكِهِ فَهُوَ كَحُرِّ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ مُنْفَقًا عَلَيْهِ فَتُبَعَّضُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْقَرِيبِ وَالسَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ وَحُرِّيَّةٍ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنْ كَانَ مُنْفَقًا عَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُ قَرِيبَهُ نَفَقَتُهُ لِبَقَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِ بَلْ نَفَقَتُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ فَعَلَى سَيِّدِهِ. وَإِنْ كَانَ مُنْفِقًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ مِنْ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ. فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ بِقَوْلِهِ: (فَأَمَّا الْوَالِدُونَ فَتَجِبُ نَفَقَتُهُمْ) عَلَى الْفُرُوعِ (بِشَرْطَيْنِ) أَيْ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ (الْفَقْرُ وَالزَّمَانَةُ) وَهِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ الِابْتِلَاءُ وَالْعَاهَةُ (أَوْ الْفَقْرُ وَالْجُنُونُ) لِتَحَقُّقِ الِاحْتِيَاجِ حِينَئِذٍ فَلَا تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ الْأَصِحَّاءِ، وَلَا لِلْفُقَرَاءِ الْعُقَلَاءِ، إنْ كَانُوا ذَوِي كَسْبٍ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَالْقُدْرَةِ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا ذَوِي كَسْبٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْفُرُوعِ. عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الرَّوْضَةِ. وَزَوَائِدِ الْمِنْهَاجِ. لِأَنَّ الْفَرْعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَسْبَاطَ، وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ. وَفِي الْمُخْتَارِ، الْأَسْبَاطُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ كَالْأَحْفَادِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ.

قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: ٦] وَالْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: (كَالْعِتْقِ) عِبَارَةُ م ر وَكَالْعِتْقِ اهـ.

أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا فِي كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِهِ لِعُمُومٍ.

قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ) : أَيْ وَالنَّفَقَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَاجَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لِانْتِهَاضِ الدَّلِيلِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَقًا عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِلنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مُنْفِقًا) بِأَنْ كَانَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ مُحْتَاجًا وَطَلَبَ مِنْهُ النَّفَقَةَ أَوْ أَنَّهُ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُوَاسَاةِ) أَيْ الْإِحْسَانِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) أَيْ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْعِصْمَةِ بِالْإِسْلَامِ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الزَّانِي فَلَيْسَ قَادِرًا عَلَى عِصْمَةِ نَفْسِهِ بَلْ مَتَى زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ صَارَ مُهْدَرًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحْسَنِ الطَّرِيقِ وَأَقْوَمِهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (شَرْطَيْنِ) أَيْ أَحَدَ شَرْطَيْنِ وَقَوْلُهُ آخَرَيْنِ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَالْعِصْمَةِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ قَوْلُهُ: (أَيْ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ) تَعْبِيرُهُ بِالْأَحَدِ كَتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَوْ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ الْفَقْرُ مَعَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ مِنْ التَّسَامُحِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانَةُ) لَيْسَ قَيْدًا وَمِنْهَا الْمَرَضُ وَالْعَمَى وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الزَّمَانَةَ بِمَا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْكَسْبِ اللَّائِقِ بِهِ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ آخِرًا ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْفَقْرُ وَالْجُنُونُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا فَالْمَدَارُ عَلَى الْفَقْرِ مَعَ عَدَمِ الْكَسْبِ بِالْفِعْلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا: فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ الْأَصِحَّاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْيِيدِهِ فَيَكُونُ ضَعِيفًا لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانُوا ذَوِي كَسْبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا ذَوِي كَسْبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَهَلْ تَجِبُ لَهَا عَلَى فَرْعِهَا نَفَقَةٌ مُدَّةَ نُشُوزِهَا؟ ذَكَرَ الْمُنَاوِيُّ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى فَرْعِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطًا) أَيْ أَحَدَ شُرُوطٍ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَحَدُهَا لَا كُلُّهَا وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوْلُودِينَ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ وَالْعِصْمَةِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا نَفَقَةُ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ نَفَقَتُهُمْ) أَيْ مَا لَمْ يُضَيِّفُوا ز ي وَإِلَّا سَقَطَتْ سَوَاءٌ كَانَ التَّضْيِيفُ تَكْرِيمًا لَهُمْ أَوْ لِلْمُنْفِقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا ضَيَّفَتْ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ الزَّوْجِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ اهـ. أج أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الضِّيَافَةُ لِأَجْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ لِأَجْلِهِمَا وَجَبَ الْقِسْطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>