مَأْمُورٌ بِمُعَاشَرَةِ أَهْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ. وَكَمَا يَجِبُ الْإِعْفَافُ يَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ.
ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطًا زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوْلُودِينَ بِقَوْلِهِ: (وَأَمَّا الْمَوْلُودُونَ فَتَجِبُ نَفَقَتُهُمْ) عَلَى الْأُصُولِ. (بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا. (الْفَقْرُ وَالصِّغَرُ) لِعَجْزِهِمْ. (أَوْ الْفَقْرُ وَالزَّمَانَةُ أَوْ الْفَقْرُ وَالْجُنُونُ) لِتَحَقُّقِ احْتِيَاجِهِمْ فَلَا تَجِبُ لِلْبَالِغِينَ إنْ كَانُوا ذَوِي كَسْبٍ قَطْعًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى الْمَذْهَبِ وَسَوَاءٌ فِيهِ الِابْنُ وَالْبِنْتُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِاشْتِرَاطِ الْيَسَارِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لِوُضُوحِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْكِفَايَةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي وَلَدَكَ بِالْمَعْرُوفِ» وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ.
وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي سِنِّهِ وَزَهَادَتُهُ وَرَغْبَتُهُ وَيَجِبُ إشْبَاعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ. وَيَجِبُ لَهُ الْأُدْمُ كَمَا يَجِبُ لَهُ الْقُوتُ: وَيَجِبُ لَهُ مُؤْنَةُ خَادِمٍ إنْ احْتَاجَهُ مَعَ كِسْوَةٍ وَسُكْنَى لَائِقَيْنِ بِهِ. وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ أَدْوِيَةٍ وَالنَّفَقَةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا أَمْتَاعٌ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَإِنْ تَعَدَّى الْمُنْفِقُ بِالْمَنْعِ، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. وَحَيْثُ قُلْنَا: بِسُقُوطِهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. كَمَا لَوْ نَفَى الْأَبُ الْوَلَدَ فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّ الْأُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ. وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) الْأَوْلَى حَذْفُ التَّاءِ لِأَنَّهُ جَمْعُ شَرِيطَةٍ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانُوا ذَوِي كَسْبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ بِالْفِعْلِ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ تَأَمَّلْ أج. بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَائِقًا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِهِ لَكِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ شَوْبَرِيٌّ. وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ لَهُ ذَكَاءٌ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ عِلْمٌ. قَوْلُهُ: (لِاشْتِرَاطِ الْيَسَارِ) وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ لَزِمَ مُوسِرًا وَلَوْ بِكَسْبٍ يَلِيقُ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ مُؤْنَةِ مَمُونِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ كِفَايَةُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَمْ يَمْلِكَاهَا وَعَجَزَ الْفَرْعُ عَنْ الْكَسْبِ يَلِيقُ اهـ. وَقَوْلُهُ مَمُونِهِ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسُهُ، وَزَوْجَتُهُ، وَخَادِمُهَا، وَأُمُّ وَلَدِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فِي النَّفَقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ) أَيْ الْقَرِيبِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ. وَكَذَا الضَّمَائِرُ بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ سم فَيُعْتَبَرُ حَالُهُمْ فِي السِّنِّ وَالرَّغْبَةِ وَالزَّهَادَةِ فَيَجِبُ لِلطِّفْلِ أُجْرَةُ إرْضَاعِ حَوْلَيْنِ، وَلِغَيْرِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى بَعْضِ كِفَايَتِهِمْ وَجَبَ تَتْمِيمُهَا. أَوْ ضُيِّفُوا بِمَا يُشْبِعُهُمْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُمْ لِحُصُولِ كِفَايَتِهِمْ بِذَلِكَ وَلَوْ أَتْلَفُوهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ قَبْضِهَا وَجَبَ إبْدَالُهَا وَضَمِنُوا بِالْإِتْلَافِ أَيْ فِي ذِمَّتِهِمْ فَيَدْفَعُوهُ إذَا قَدَرُوا عَلَيْهِ أَيْ بَعْدَ الْيَسَارِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ فَيَضْمَنُ الرَّشِيدُ دُونَ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُنْفِقِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ وَسَبِيلُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُوَكِّلَ بِإِطْعَامِهِ وَلَا يُسَلِّمَهُ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ كُلُوا مَعِي كَفَى وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ إشْبَاعُهُ) أَيْ شِبَعًا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ لَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ فِي إشْبَاعِهِ. كَمَا لَا يَكْفِي سَدُّ الرَّمَقِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (قُلْنَا: بِسُقُوطِهَا) أَيْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ قَوْلُهُ: (إلَّا بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَعَدَلْت عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِفَرْضِ الْقَاضِي بِالْفَاءِ إلَى تَعْبِيرِي بِاقْتِرَاضِهِ بِالْقَافِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ اهـ. قَالَ الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يُقَدِّرَهَا الْحَاكِمُ وَيَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الطِّفْلِ فَإِذَا أَنْفَقَهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ وَهِيَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِافْتِرَاضِ. وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ قَدَّرْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا بِذَلِكَ. وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُمَا أَيْ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بِمُجَرَّدِ فَرْضِ الْقَاضِي أَمَّا إذَا فَرَضَ وَأَذِنَ لِشَخْصٍ فِي الِاقْتِرَاضِ لِلطِّفْلِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَوْ اقْتَرَضَ الْقَاضِي مَالًا ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ أَمَرَ الْقَاضِي شَخْصًا بِأَنْ يَقْتَرِضَ مَالًا فَاقْتَرَضَ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ تَصِيرُ دَيْنًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) كَالتَّعَزُّزِ وَالتَّوَارِي قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ نَفَى) تَنْظِيرُ قَوْلِهِ: (تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَعُوقِبَ بِإِيجَادِ مَا فَوَّتَهُ بِهِ فَلِذَا، خَرَجَتْ