للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] وَخَبَرِ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا سَلَّمَتْ مَا مَلَكَ عَلَيْهَا فَيَجِبُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ اسْتِحْقَاقُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ وَهَلْ التَّمْكِينُ سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي فَلَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ. لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ وَهُوَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَالًا مَجْهُولًا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهَا لَسَاقَهُ إلَيْهَا وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ مُدَّةً مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. لِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَإِنْ عَرَضَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ مَعَ حُضُورِهِ فِي بَلَدِهَا كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ تُخْبِرُهُ أَنِّي مُسْلِمَةٌ نَفْسِي إلَيْك. فَاخْتَرْ أَنْ آتِيَك حَيْثُ شِئْت أَوْ تَأْتِيَ إلَيَّ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ فَإِنْ غَابَ عَنْ بَلَدِهَا قَبْلَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ، وَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، مُظْهِرَةً التَّسْلِيمَ كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِ الزَّوْجِ يُعْلِمُهُ بِالْحَالِ فَيَجِيءُ أَوْ يُوَكِّلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانِ وُصُولِهِ فَرَضَهَا الْقَاضِي فِي مَالِهِ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا م ر.

أَوْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً لَهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ: بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ التَّمْكِينُ غَيْرُ التَّامِّ كَمَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَوْ تَمَتَّعَ بِالْمُقَدِّمَاتِ وَمَا إذَا كَانَتْ أَمَةً مُسَلَّمَةً لَهُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي نَوْعٍ مِنْ التَّمَتُّعِ دُونَ آخَرَ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ.

قَوْلُهُ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} الْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَالْمَعْنَى وَعَلَى مَا يُولَدُ لَهُ قَوْلُهُ: (بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ جَعَلَهُنَّ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَةِ وَقَوْلُهُ: بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَهِيَ النِّكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ قَوْلُهُ: (مَا مَلَكَ عَلَيْهَا) أَيْ مَا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ وَتَوَابِعُهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْأُجْرَةِ لَهَا) أَيْ النَّفَقَةِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا أُجْرَةً لِأَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُكْتَرَاةِ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ كَالْمُكْتَرِي لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَمَتَّعُ بِهَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ) أَيْ ابْتِدَاءٌ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ نُشُوزٍ فَإِنْ سَبَقَ نُشُوزٌ، ثُمَّ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَلَا تَجِبُ بِالْقِسْطِ لِتَعَدِّيهَا وَتَغْلِيظًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ) وَيُحْسَبُ اللَّيْلُ وَهَذَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ نَشَزَتْ فِي يَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ أَطَاعَتْ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ كَمَا سَيَأْتِي. ق ل أَيْ بَلْ يَسْتَمِرُّ سُقُوطُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ.

وَلَوْ كَانَ النُّشُوزُ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فَإِنْ حَصَلَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوْ كَانَتْ مُصِرَّةً عَلَى النُّشُوزِ، وَجَبَتْ لَهَا نَفَقَةُ الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ، كَمَا صَدَّرَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ. وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَالْعَزِيزِيُّ وَخَالَفَ ح ل. وَقَالَ: لَا يَجِبُ لَهَا إلَّا قَدْرُ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ فَقَطْ وَذَكَرَهُ م ر آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ ع ش. فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) فِيهِ أَنَّ النَّفَقَةَ دَائِرَةٌ مَعَ التَّمْكِينِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَهَذَا شَأْنُ السَّبَبِ لَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهُ سَبَبًا لَا شَرْطًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاجِبَةٌ بِالتَّمْكِينِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَنَتَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ قَوْلُهُ: (وَلَسَاقَهُ) أَيْ الْإِنْفَاقَ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ أَيْ سَوْقُهُ إلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ) وَلَوْ سَفِيهَةً، وَلَوْ قَالَ: كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ لَكَانَ أَخْصَرَ.

قَوْلُهُ: (كَتَبَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (فَيَجِيءُ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ ع ش عَلَى م ر فَإِنْ مَنَعَهُ عُذْرٌ عَنْ الْمَجِيءِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَرَضَهَا الْقَاضِي) هَذَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ م ر. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْبُلْقِينِيُّ: أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ بَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>