للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ، بِاخْتِلَافِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَدْوِيَّةِ وَالْحَضَرِيَّةِ، وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ وَمُكَعَّبٌ.

وَيَزِيدُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً قُطْنًا أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ كُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ وَتِكَّةٍ لِلِّبَاسِ وَزِرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَجِنْسِ الْكِسْوَةِ مِنْ قُطْنٍ لِأَنَّهُ لِبَاسُ أَهْلِ الدِّينِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كِفَايَتُهُ وَلَا يُجَابُ لِمَا دُونَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتَهُمْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِيَادِ أَهْلِ بَلَدٍ ثِيَابُهَا كَثِيَابِ الرَّجُلِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَ ذَيْلِهَا ذِرَاعًا أُجِيبَتْ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ أَهْلُ بَلَدِهَا. لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ السَّتْرِ. وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحِلِّ الزَّوْجَةِ بَرْدًا وَحَرًّا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا ثَوْبًا لِلنَّوْمِ وَجَبَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَاعْتُبِرَتْ الْكِفَايَةُ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِهَا فِي النَّفَقَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَدْوِيَّةِ) إنْ كَانَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ إلَخْ كَانَ ضَعِيفًا لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي عَدَدِ الْكِسْوَةِ لِأَنَّ الْبَدْوِيَّةَ لَهَا كِسْوَةٌ وَالْحَضَرِيَّةَ لَهَا كِسْوَةٌ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكْفِيَهَا كَانَ صَحِيحًا، وَالضَّابِطُ: أَنَّ عَدَدَ الْكِسْوَةِ فِي كُلِّ مَكَان لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ مَكَان مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَهُمْ وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُهُ بِالْيَسَارِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا الْقَهْوَةُ وَالدُّخَانُ وَفِطْرَةُ الْعِيدِ وَكَعْكُ الْعِيدِ وَسَمَكُهُ وَلَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَحُبُوبُ الْعُشْرِ وَالْكِشْكُ فِي أَرْبَعِ أَيُّوبَ وَمَا تَحْتَاجُهُ عِنْدَ الْوَحَمِ، وَأَمَّا الْأَفْيُونُ فَلَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ الْحُلْبَةُ بِالْعَسَلِ عَقِبَ النِّفَاسِ لَا تَجِبُ وَكَذَا إطْعَامُ مَنْ يَأْتِي إلَيْهَا مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّفَاسِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْلَ الْأُولَى بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ لَا تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ أَوْ لِرَدَاءَةِ ثِيَابِهَا اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ وَكَذَا إنْ كَانُوا يَعْتَادُونَ لُبْسَ مَا يَبْقَى سَنَةً كَالْأَكْسِيَةِ الْوَثِيقَةِ فَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِمْ وَيُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا التَّجْدِيدَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَدَفَعَ لَهَا، مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فَلَمْ يَبْلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وُجُوبُ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَا أَخَذَتْهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَالْوَاجِبُ الْقِسْطُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقِسْطِ هُنَا فَإِنَّ مِنْ الْكِسْوَةِ الْقَمِيصُ مَثَلًا فَمَا مَعْنَى التَّقْسِيطُ فِيهِ هَلْ هُوَ خَلَقٌ يَكْفِي مَا بَقِيَ أَوْ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ. اهـ. سم مُلَخَّصًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْكِسْوَةِ الْكَامِلَةِ مِنْ الرِّيَالَاتِ سِتَّةً وَمُكِّنَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ السَّنَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (قَمِيصٌ) وَفِي تَعْبِيرِهِ بِقَمِيصٍ إشْعَارٌ بِوُجُوبِ الْخِيَاطَةِ، عَلَى الزَّوْجِ سم وَز ي وَعِبَارَةُ ق ل: وَيَتْبَعُهُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَخَيْطٍ وَإِنْ لَمْ تَخِطْ بِهِ كَمَا فِي الطَّحْنِ. وَنَحْوِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ لَهَا مَخِيطًا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ. وَيَكْفِي مَلْبُوسٌ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَأَوْلَى مِنْهُ الْجَدِيدُ ق ل وَالْعِبَارَةُ فِي التَّعَدُّدِ بِأَمْثَالِهَا وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى بَلَدٍ اُعْتُبِرَ أَهْلُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَسَرَاوِيلُ) قَالَ الْمُرَادِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ سَرَاوِيلَ جَمْعُ سِرْوَالَةٍ وَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ أُطْلِقَ عَلَى الْمُفْرَدِ وَرُدَّ بِأَنَّ سِرْوَالَةَ لَمْ يُسْمَعْ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ اللُّؤْمِ سِرْوَالَةٌ فَمَصْنُوعٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ قُلْت ذَكَرَ الْأَخْفَشُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ الْعَرَبِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْعَرَبُ يَقُولُونَ سِرْوَالٌ وَاَلَّذِي يَرِدُ بِهِ هَذَا الْقَوْلُ أَنَّ سِرْوَالًا لُغَةً فِي سَرَاوِيلَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَأَنَّ النَّقْلَ لَمْ يَثْبُتْ لَا سِيَّمَا فِي الْأَجْنَاسِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْأَعْلَامِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْمَلَوِيِّ عَلَى الْمَكُّودِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَمُكَعَّبٌ) أَيْ مَدَاسٌ وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهَا بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَوْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ شَيْئًا فِي أَرْجُلِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ) ذِكْرُهُمَا إيضَاحٌ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فِي الشِّتَاءِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَرْدِ. وَلَوْ فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ حَجّ قَالَ ع ش: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا بِتَوْسِعَةٍ كُمِّ ثِيَابِهِمْ إلَى حَدٍّ تَظْهَرُ مَعَهُ الْعَوْرَةُ أُعْطِيت مِنْهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ مَعَ مُقَارَبَتِهِ لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ اهـ. قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>