للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تُرْفَةٌ وَرُعُونَةٌ. فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ لِمِثْلِ الزَّوْجِ بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ، وَجَبَ مَعَ وُجُوبِ التَّفَاوُتِ فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَزِلِّيَّةٍ أَوْ لِبْدٍ فِي الشِّتَاءِ أَوْ حَصِيرٍ فِي الصَّيْفِ وَهَذَا لِزَوْجَةِ الْمُعْسِرِ.

أَمَّا زَوْجَةُ الْمُوسِرِ، فَيَجِبُ لَهَا نِطْعٌ فِي الصَّيْفِ وَطَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَهِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ، غَيْرَ مَا تَفْرِشُهُ نَهَارًا لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ أَوْ كِسَاءٌ فِي الشِّتَاءِ فِي بَلَدٍ بَارِدٍ وَمِلْحَفَةٌ بَدَلَ اللِّحَافِ أَوْ الْكِسَاءِ فِي الصَّيْفِ. (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مُعْسِرًا فَمُدٌّ) وَاحِدٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهَا كَمَا مَرَّ. (وَ) يَجِبُ لَهَا مَعَ ذَلِكَ (مَا يَتَأَدَّمُ بِهِ الْمُعْسِرُونَ وَيَكْسُونَهُ) قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ حُرًّا (مُتَوَسِّطًا) بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ (فَمُدٌّ وَنِصْفٌ) أَيْ وَنِصْفُ مُدٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهَا كَمَا مَرَّ (وَ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ (مِنْ الْأُدْمِ) قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَ) مِنْ (الْكِسْوَةِ الْوَسَطِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] وَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ.

وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَهُوَ مُدَّانِ لِأَنَّهُ قَدْرُ الْمُوسِعِ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلُّ وَهُوَ مُدٌّ لِأَنَّ الْمُدَّ الْوَاحِدَ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ وَيَقْتَنِعُ بِهِ الرَّغِيبُ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَلْزَمَ الْمَدِينَ لَضَرَّهُ وَلَوْ اكْتَفَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

كُوفِيَّةٍ) أَيْ عِرْقِيَّةٍ هَذَا عِنْدَ الْحَضَرِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ عُصْبَةٌ أَيْ فَإِنَّهَا أَيْ الْعِرْقِيَّةُ تَابِعَةٌ لِلطَّرْبُوشِ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قُطْنٍ) هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الصُّوفِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ لَكِنْ رَأَيْت فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الصُّوفِ فَلْيُحَرَّرْ.

قَوْلُهُ: (رُعُونَةً) هِيَ الْحَمَاقَةُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ فَمَحِلُّ الْقُطْنِ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ اهـ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (كَزِلِّيَّةٍ) وَهِيَ بِسَاطُ صَغِيرٌ وَقِيلَ شَيْءٌ مُضَرَّبٌ صَغِيرٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَهِيَ لِلْمُتَوَسِّطِ وَاللِّبَدُ لِلْفَقِيرِ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَأَرَادَ بِالْمُعْسِرِ مَا عَدَا الْمُوسِرَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حَصِيرٍ) الْحَصِيرُ مَعْرُوفٌ وَلَا يُقَالُ حَصِيرَةٌ بِالْهَاءِ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ.

قَوْلُهُ: (نِطْعٌ) كَالْجِلْدِ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَطَنْفَسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَبَرَةٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهِيَ لِلْبَعِيرِ كَالصُّوفِ لِلْغَنَمِ وَكَذَا الْأَرَانِبُ وَمَا أَشْبَهَهُ. قَوْلُهُ: (مَا تَفْرُشُهُ نَهَارًا) بِضَمِّ الرَّاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش.

قَوْلُهُ: (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَدُّ وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي اللِّحَافِ وَغَيْرِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَمِلْحَفَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ الِالْتِحَافِ أَيْ مِلَايَةٌ الَّتِي تَلْتَحِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ وَاللِّحَافُ كُلُّ ثَوْبٍ يَتَغَطَّى بِهِ وَالْجَمْعُ لُحُفٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ. فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِلْحَفَةِ وَاللِّحَافِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلَاءَةَ ثَوْبٌ ذُو لِفْقَيْنِ أَيْ فِلْقَتَيْنِ فَتُخَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا اللِّحَافُ فَثَوْبٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ مَرَّ التَّفَاوُتُ فِي قَدْرِ الْمُدِّ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَأَنَّهُ مَرَّ اخْتِلَافُ جِنْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْيَسَارِ وَضِدَّيْهِ وَلَمْ يَمُرَّ شَيْءٌ مِنْهُمَا نَعَمْ مَرَّ لَهُ التَّفَاوُتُ فِي قَدْرِهِ فِي فَرْضِ الْقَاضِي عِنْدَ التَّنَازُعِ. وَقَدْ ذَكَرَ التَّفَاوُتَ فِي الْقَدْرِ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَغَيْرِهِ م ر، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْجِنْسِ بِاعْتِبَارِ الْمُعْسِرِ وَضِدَّيْهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ م د وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمْ فِي الْجِنْسِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَرَّ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْكِسْوَةِ مَعَ أَنَّهُ مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ أَيْ قَدْرُهَا بِاخْتِلَافِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْجِنْسُ وَاحِدٌ فِيهِمَا وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ وَالْقَدْرُ فِيهِمَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَمَا قَرَّرَهُ فِي هَذَا يَجْرِي فِي قَوْلِهِ فِي الْمُتَوَسِّطِ: قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ.

قَوْلُهُ: (وَاحْتَجُّوا) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ وَاضِحَةً فِيمَا ذُكِرَ إذْ مُقْتَضَاهَا أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمُعْسِرِ إذْ لَا سَعَةَ لَهُ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ) أَيْ قَاسُوا النَّفَقَةَ عَلَى الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى) أَيْ كَالْحَلْقِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>