للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلزِّينَةِ وَكَمَالِ السَّتْرِ وَيَجِبُ لَهُ الْأُدْمُ لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ وَجِنْسُهُ جِنْسُ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَلَكِنْ نَوْعُهُ دُونَ نَوْعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَّخِذَ خَادِمًا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. فَإِنْ احْتَاجَتْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ بِهَا أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَاجَةَ أَقْوَى مِمَّا نَقَصَ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَلَا إخْدَامَ حَالَ الصِّحَّةِ لِزَوْجَةِ رَقِيقِهِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنْ تَخْدُمَ نَفْسَهَا وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ. لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا مِلْكَهُ وَيَجِبُ فِيمَا يُسْتَهْلَكُ لِعَدَمِ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَطَعَامٍ وَأُدْمٍ تَمْلِيكٌ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ الْحُرَّةُ بِمَا شَاءَتْ أَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ سَيِّدُهَا.

فَلَوْ قَتَرَتْ بَعْدَ قَبْضِ نَفَقَتِهَا، بِمَا يَضُرُّهَا. مَنَعَهَا زَوْجُهَا مِنْ ذَلِكَ وَمَا دَامَ نَفْعُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَكِسْوَةٍ وَفُرُشٍ، وَظُرُوفِ طَعَامٍ، وَشَرَابٍ، وَآلَاتِ تَنْظِيفٍ، وَمُشْطِ تَمْلِيكٍ، فِي الْأَصَحِّ.

وَتُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكِسْوَةَ أَوَّلَ فَصْلِ شِتَاءٍ وَأَوَّلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَمَتَهَا. وَقَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَأُدْمٍ وَتَوَابِعِهِمَا وَسَكَتُوا عَنْ اللَّحْمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ لُزُومِهِ كَذَا فِي ح ل قَالَ: م ر وَأَوْجُهُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ اللَّحْمِ لَهُ أَيْ لِلْخَادِمِ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ لَهُ سَرَاوِيلُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ الْقَدِيمِ، وَقَدْ اطَّرَدَ الْآنَ الْعُرْفُ بِوُجُوبِهِ لِلْخَادِمَةِ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر أج.

وَهُوَ مُفْرَدٌ جِيءَ بِهِ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَلِسَرَاوِيلَ بِهَذَا الْجَمْعِ شَبَهٌ اقْتَضَى عُمُومَ الْمَنْعِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً) لِنَقْصِهَا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا.

قَوْلُهُ: (إمْتَاعٌ) أَيْ انْتِفَاعٌ وَاَلَّذِي يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَيَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّمْلِيكِ فَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِيهِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَيَصِيرُ دَيْنًا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَالتَّمْلِيكُ لَهَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مِلْكِ ذَلِكَ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْهُ كَيْفَ يَمْلِكُهُ لَهَا لَكِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِلْكَهُ إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] اهـ.

قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٌ) أَيْ إنْ دَفَعَهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَهَا وَيُعْتَبَرُ فِي الظُّرُوفِ أَيْ ظُرُوفِ الطَّعَامِ كَالْحَلَّةِ وَالدُّسَتِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا. فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّرْطُ عَدَمُ الصَّارِفِ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ اهـ.

مَرْحُومِيٌّ وَعِبَارَةُ سم الَّذِي تَحَرَّرَ فِي دَرْسِ م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ قَصْدُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهَا كَوْنُ مَا دَفَعَهُ، عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ مِنْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمِلْكِ مِنْ قَصْدِهِ عِنْدَ الدَّفْعِ كَوْنُ مَا دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الْفُرُشِ تَمْلِيكًا أَنَّ لَهَا مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ النَّوْمِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَتَّرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَضُرُّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ الْخَادِمَ مَنَعَهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَلَهُ ضَرْبُهَا عَلَى ذَلِكَ إنْ أَفَادَ وَإِلَّا فَتَصِيرُ نَاشِزًا لِامْتِنَاعِهَا مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. اهـ. م ر. قَوْلُهُ: (وَمَا دَامَ نَفْعُهُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلَ فَصْلِ شِتَاءٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ هُنَا نِصْفُ الْعَامِ فَالرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ فَصْلٌ وَالْخَرِيفُ وَالشِّتَاءُ فَصْلٌ ق ل وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ غَلَّبَ الشِّتَاءَ عَلَى الرَّبِيعِ وَجَعَلَهُمَا فَصْلًا وَغَلَّبَ الصَّيْفَ عَلَى الْخَرِيفِ وَجَعَلَهُمَا فَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>