للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلِ صَيْفٍ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ هَذَا إذَا وَافَقَ النِّكَاحُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِلَّا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا، فِي أَوَّلِ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ فَإِنْ أَعْطَاهَا الْكِسْوَةَ أَوَّلَ فَصْلٍ مَثَلًا ثُمَّ تَلِفَتْ فِيهِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهَا لَمْ تُبَدَّلْ لِأَنَّهُ وَفَاهَا مَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهَا.

فَإِنْ مَاتَ أَوْ أَبَانَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ لَمْ تُرَدَّ وَلَوْ لَمْ يَكْسُ الزَّوْجُ مُدَّةً فَدَيْنٌ عَلَيْهِ.

وَالْوَاجِبُ فِي الْكِسْوَةِ الثِّيَابُ لَا قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ خِيَاطَتُهَا وَلَهَا بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهَا وَلَوْ لَبِسَتْ دُونَهَا مَنَعَهَا لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَجَمُّلِهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، فَابْتِدَاءُ إعْطَائِهَا مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا وَتَعْبِيرِي بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِشِتَاءٍ وَصَيْفٍ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ التَّمْكِينُ فِي الشِّتَاءِ بَعْدَ نِصْفِهِ مَثَلًا اهـ.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهِيَ أَيْ السِّتَّةُ فَصْلٌ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ فَالسِّتَّةُ بِاعْتِبَارِهَا فَصْلَانِ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الشِّتَاءُ وَالرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ وَالْخَرِيفُ فَالشِّتَاءُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْأَوَّلَانِ وَالصَّيْفُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْبَاقِيَانِ، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ مِنْ الْفَصْلَيْنِ هُنَا اُعْتُبِرَ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ وَيَبْتَدِئُ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ فُصُولًا كَوَامِلَ دَائِمًا وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ، بِقَوْلِهِ: وَيُعْطِي الْكِسْوَةَ أَوَّلَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ الَّذِي رَدَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عَلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ تَمْكِينٍ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ إذْ كُلُّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ تُحْسَبُ فَصْلًا وَهَكَذَا. وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الرَّادُّ مَا لَزِمَ عَلَى كَلَامِهِ هَذَا مِنْ الْفَسَادِ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي نِصْفِ فَصْلِ الشِّتَاءِ مَثَلًا لَزِمَ أَنَّهُ لَا تَتِمُّ السِّتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا فِي نِصْفِ فَصْلِ الصَّيْفِ وَعَكْسُهُ فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ يَغْلِبُ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَتَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ.

وَأَيْضًا قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْكِسْوَةِ فِي الشِّتَاءِ غَيْرُ مَا يَلْزَم مِنْهَا فِي الصَّيْفِ وَيَلْزَمُ عَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الشِّتَاءِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي نِصْفِ الصَّيْفِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ أَوْ يَسْقُطُ فِيهِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ وَعَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الصَّيْفِ، أَنَّهُ يَسْقُطُ فِي نِصْفِ الشِّتَاءِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ أَوْ يَلْزَمُ فِيهِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ وَكُلٌّ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّغْلِيبِ وَأُلْحِقَ كُلُّ نِصْفٍ بِبَاقِي فَصْلِهِ بَطَلَ مَا قَالَهُ. وَرَجَعَ إلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ.

قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ مَا يَدْفَعُ لَهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفَصْلِ فَيُقَسَّطُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمَا مَضَى قَبْلَ التَّمْكِينِ وَيَجِبُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَشْتَرِي لَهَا بِهِ مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ مَا يُسَاوِيهِ وَالْخِيرَةُ لَهَا فِي تَعْيِينِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ: (هَذَا إذَا وَافَقَ النِّكَاحَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ التَّمْكِينَ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ) نَعَمْ مَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَفُرُشٍ وَبُسُطٍ وَجُبَّةٍ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْ يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ تَجْدِيدِهِ وُجُوبُ إصْلَاحِهِ كَالْمُسَمَّى بِالتَّنْجِيدِ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُ ذَلِكَ إصْلَاحُ مَا أَعَدَّهُ لَهَا مِنْ الْآنِيَةِ، كَتَبْيِيضِ النُّحَاسِ.

وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جُبَّةٌ تَبْقَى طُولَ السَّنَةِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (بِلَا تَقْصِيرٍ) لَيْسَ قَيْدًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ قَالَ الْمَنُوفِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَتْهَا أَوْ تَمَزَّقَتْ قَبْلَ أَوَانِ التَّمَزُّقِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهَا فِيهَا وَتَحَامُلِهَا عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِبْدَالُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ) وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْحَامِلُ الْبَائِنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (لَمْ تَرُدَّ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: لَمْ تَرُدَّ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهَا فَإِنْ وَقَعَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ قَبْلَ قَبْضِهَا وَجَبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُهَا كُلِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ. وَلَا يُقَالُ كَيْفَ تَجِبُ كُلُّهَا بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ مِنْ الْفَصْلِ. لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتًا لِلْإِيجَابِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ قَلِيلِ الزَّمَنِ وَطَوِيلِهِ. اهـ. م ر فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) وَكَالْكِسْوَةِ جَمِيعُ مَا مَرَّ غَيْرَ الْإِسْكَانِ وَالْإِخْدَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَنَّ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ إمْتَاعٌ وَغَيْرُهُمَا تَمْلِيكٌ وَلَوْ تَصَرَّفَتْ فِيمَا أَخَذَتْهُ ثُمَّ نَشَزَتْ رَجَعَ فِي بَدَلِهِ وَلَا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْهُ وَعَنْ شَيْخِنَا م ر وَابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فِي النَّفَقَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ فِي الْكِسْوَةِ إلَخْ) . فَائِدَةٌ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ» . قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَا زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>