للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ، وَمِثْلُ الْمَائِعِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَأْكُولٍ رَطْبٍ كَمَا فِي الْعُبَابِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّبُّ لِكِبَرِ الْإِنَاءِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِفُ بِهِ مِنْهُ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ أَخَذَهُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ نَظِيفٍ أَوْ بِفِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُمَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إدْخَالُهُمَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (الْمَضْمَضَةُ) وَهِيَ جَعْلُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إدَارَةٍ فِيهِ وَمَجٍّ مِنْهُ (وَ) الرَّابِعَةُ (الِاسْتِنْشَاقُ) بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ وَهُوَ جَعْلُ الْمَاءِ فِي الْأَنْفِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْخَيْشُومِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ: «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» فَضَعِيفٌ.

تَنْبِيهٌ: تَقْدِيمُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَهِيَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ عَكْسُ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْيَدَيْنِ مَثَلًا عُضْوَانِ مُتَّفِقَانِ اسْمًا وَصُورَةً بِخِلَافِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ. وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ: فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ حُسِبَتْ دُونَهُ، وَإِنْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا، فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ يُحْسَبُ.

وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَصَوَابُهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ تُحْسَبْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَ عَشَرَ: تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ خَرَجَ السُّنَنُ فَيُحْسَبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا، فَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ.

وَمِنْ فَوَائِدِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَوَّلًا مَعْرِفَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَمِثْلُ الْمَائِعِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ الْغَمْسِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا عِنْدَ الشَّكِّ فِي طُهْرِهِمَا.

قَوْلُهُ: (بِطَرَفِ ثَوْبٍ نَظِيفٍ) أَوْ كَمِنْشَفَةٍ ثُمَّ يَرْفَعُ الثَّوْبَ مَثَلًا بِنَحْوِ عَصًا، ثُمَّ يَتَلَقَّى بِيَدِهِ الْمَاءَ النَّازِلَ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) كَاللِّحْيَةِ الْكَبِيرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) قُدِّمَتْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لِشَرَفِ مَنَافِعِ الْفَمِ، فَإِنَّهُ مَدْخَلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا قِوَامُ الْحَيَاةِ وَهُوَ مَحَلُّ الْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَالِاسْتِنْشَاقُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنَّا قَالَ بِوُجُوبِهِ، وَالْمَضْمَضَةُ مُجْمَعٌ عَلَى نَدْبِهَا أَيْ عِنْدَنَا، وَإِنْ قَالَ الْحَنَابِلَةُ بِوُجُوبِهَا وَمَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِمَّا أُجْمِعَ عَلَى نَدْبِهِ عِنْدَنَا وَكَذَا مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ.

فَرْعٌ: لَوْ خُلِقَ لَهُ فَمَانِ هَلْ تُسْتَحَبُّ الْمَضْمَضَةُ فِيهِمَا، وَهَلْ الْمَطْلُوبُ تَقْدِيمُ مَضْمَضَتِهِمَا جَمِيعًا عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ؟ . الْوَجْهُ نَعَمْ فِيهِمَا إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، أَوْ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ وَاشْتَبَهَ أَوْ سَامَتْ. اهـ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْخَيْشُومِ) أَيْ أَقْصَى الْأَنْفِ.

قَوْلُهُ: (مُسْتَحَقٌّ) أَيْ مُسْتَحَقُّ التَّقْدِيمِ لِلِاعْتِدَادِ بِالْجَمِيعِ، فَلَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ عَلَى غَسْلِ الْكَفَّيْنِ حَصَلَتْ دُونَهُ، وَإِنْ أَتَى بِهِ بَعْدَهَا وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ حَصَلَ هُوَ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ز ي.

قَوْلُهُ: (عَكْسُ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) مُرَادُهُ بِالْعَكْسِ الْمُخَالِفُ، فَإِنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى حُسِبَتَا جَمِيعًا، وَهُنَا إذَا قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ عَلَى الْكَفَّيْنِ حُسِبَتْ الْمَضْمَضَةُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (فَوَجَبَ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا التَّأَكُّدُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي قَوْلِهِ كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ الْوُجُوبُ الْحَقِيقِيُّ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا. فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الْمُحَشِّي وَعِبَارَتُهُ. قَوْلُهُ: (كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ) لَيْسَ هَذَا التَّمْثِيلُ صَحِيحًا فَإِنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْيَدَ عَلَى الْوَجْهِ إنَّمَا يُحْسَبُ الْوَجْهُ، وَهُنَا عَلَى الْعَكْسِ كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ) أَيْ الْمَضْمَضَةُ دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ أَيْ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا فُعِلَ؛ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَقَعَتْ فِي مَرْكَزِهَا فَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ غَيْرِهَا لَهَا، فَإِنْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ حَصَلَ، بَلْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِحُصُولِهِمَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَالَ سم فِي شَرْحِ الْكِتَابِ: فِيمَا إذَا وَقَعَا مَعًا حَصَلَ الِاسْتِنْشَاقُ وَفَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ، وَمُقْتَضَى شَرْحِ م ر مُوَافَقَةُ الشَّرْحِ. اهـ اج قَوْلُهُ: (أَنَّ الْمُؤَخَّرَ) وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ. وَالْمُرَادُ الْمُؤَخَّرُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الرُّتْبَةِ.

قَوْلُهُ: (يُحْسَبْ) أَيْ وَالْمُقَدَّمُ مَلْغِيٌّ فَيُعِيدُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَحْسُوبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>