للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْصَافِ الْمَاءِ وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ هَلْ تَغَيَّرَتْ أَوْ لَا؟ . وَيُسَنُّ أَخْذُ الْمَاءِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى، وَيُسَنُّ أَنْ يُبَالِغَ فِيهِمَا غَيْرُ الصَّائِمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رِوَايَةٍ، صَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهَا: «إذَا تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ، وَيُسَنُّ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَمَجُّهُ، وَإِمْرَارُ أُصْبُعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ، وَيُسَنُّ الِاسْتِنْثَارُ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ مَا فِي أَنْفِهِ مِنْ مَاءٍ وَأَذًى بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا بَالَغَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَسْتَقْصِي فَيَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بَلْ تُكْرَهُ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْفَسَادِ؟ . أُجِيبَ: بِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ، بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ الْحَلْقِ وَمَجُّ الْمَاءِ وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ دَافِقٌ، وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقُبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَلَى الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْفَصْلِ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ، وَكَوْنُ الْجَمْعِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ أَفْضَلَ مِنْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا، أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ الْمُقَدَّمُ وَهُوَ الِاسْتِنْشَاقُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ أَيْضًا م ر فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) أَيْ فَإِنَّ التَّعَوُّذَ يَحْصُلُ دُونَ الِافْتِتَاحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِفَوَاتِ اسْمِ الِافْتِتَاحِ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ الصَّائِمِ) وَكَذَا الْمُلْحَقُ بِهِ كَالْمُمْسِكِ لِتَرْكِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ) يَبْلُغُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَمُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ فَلَامٌ مَضْمُومَةٌ وَآخِرُهُ غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ مِنْ بَلَغَ الثُّلَاثِيِّ، وَالْمَاءُ فَاعِلُهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الرُّبَاعِيِّ وَهُوَ بَلَغَ يَبْلُغُ، وَالْفَاعِلُ هُوَ أَيْ الشَّخْصُ وَالْمَاءُ مَفْعُولُهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِمْرَارُ أُصْبُعِ يَدِهِ الْيُسْرَى) أَيْ السَّبَّابَةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إذَا جُمِعَ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُصْعِدَ) يَجُوزُ فِي يَصْعَدُ أَيْضًا فَتْحُ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَتَخْفِيفُ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَاءُ فَاعِلٌ كَمَا فِي يَبْلُغُ وَمِنْهُ: قَوْلُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠] الْآيَةُ: قَوْلُهُ: (لِلْأَمْرِ بِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَخَيَاشِيمِهِ» اج. قَوْلُهُ: (فَلَا يَسْتَقْصِي) أَيْ بِأَنْ يُجَاوِزَ أَقْصَى الْأَنْفِ. وَقَوْلُهُ: (فَيَصِيرُ) أَيْ لِئَلَّا يَصِيرُ، فَالْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ. وَانْظُرْ حُكْمَهُ اج.

قَوْلُهُ: (سُعُوطُهُ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَبِفَتْحِهَا دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ اهـ مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (لَا اسْتِنْشَاقًا) ظَاهِرُهُ فَوَاتُ سُنَّةِ الِاسْتِنْشَاقِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ كَمَا قَالَ: لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلُ مَسْحِهَا أَنَّهُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَزِيَادَةٌ اهـ. طُوخِيٌّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ لَا اسْتِنْشَاقًا كَامِلًا. اهـ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الصَّائِمُ) وَكَذَا الْمُلْحَقُ بِهِ كَالْمُمْسِكِ لِتَرْكِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ اج.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِنْزَالِ) أَيْ مَثَلًا أَيْ أَوْ الْجِمَاعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِنْزَالِ أَنَّهُ مُفْطِرٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَالْإِفْطَارُ بِهِ مُخْتَلِفٌ، فَالْمَفْعُولُ بِهِ بِدُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَالْفَاعِلُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ جَمِيعِهَا، فَفِي مَفْهُومِ الْإِنْزَالِ تَفْصِيلٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى مَنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ اهـ. طُوخِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا ذُكِرَ) فَإِنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ لِغَيْرِ الصَّائِمِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا) جَعَلَ هَذِهِ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْوَصْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَرْفَةِ اهـ. ع ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>