للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْفَصْلِ كَيْفِيَّتَانِ أَفْضَلُهُمَا يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، وَهَذِهِ أَنْظَفُ الْكَيْفِيَّاتِ وَأَضْعَفُهَا، وَالسُّنَّةُ تَتَأَدَّى بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا.

فَائِدَةٌ: فِي الْغَرْفَةِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ فَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الْفَتْحِ تَعَيَّنَ فَتْحُ الرَّاءِ وَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الضَّمِّ جَازَ إسْكَانُ الرَّاءِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَتَلَخَّصَ فِي غَرَفَاتٍ أَرْبَعُ لُغَاتٍ.

(وَ) الْخَامِسَةُ (مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عُلُوَّ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيَلْصَقُ سَبَّابَتَهُ بِالْأُخْرَى، وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الذَّهَابُ وَالرَّدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ تَمَامِ الْمَسْحَةِ بِالذَّهَابِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ شَعْرُهُ لِضَفْرِهِ أَوْ لِقِصَرِهِ أَوْ عَدَمِهِ لَمْ يَرُدَّ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَإِنْ رَدَّهُمَا لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُشْكِلٌ بِمَنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَاوِيًا رَفْعَ الْحَدَثِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَهُوَ مُنْغَمِسٌ، ثُمَّ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فِي حَالِ انْغِمَاسِهِ فَإِنَّ حَدَثَهُ يَرْتَفِعُ ثَانِيًا؟ . أُجِيبَ: بِأَنَّ مَاءَ الْمَسْحِ تَافِهٌ فَلَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ كَقُوَّةِ هَذَا، وَلِذَلِكَ لَوْ أَعَادَ مَاءَ غَسْلِ الذِّرَاعِ مَثَلًا ثَانِيًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ غَسْلَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَافِهٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَاءِ الِانْغِمَاسِ.

تَنْبِيهٌ: إذَا مَسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ هَلْ يَقَعُ كُلُّهُ فَرْضًا أَوْ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ؟ . وَجْهَانِ كَنَظِيرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ، وَإِخْرَاجِ الْبَعِيرِ عَنْ خَمْسٍ فِي الزَّكَاةِ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي كُتُبِهِمَا فِي التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْعُبَابِ أَنَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فِي الرَّأْسِ فَرْضٌ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ فِيهِ التَّجَزُّؤُ كَالرُّكُوعِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُمْكِنْ كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ نَحْوُ عِمَامَةٍ كَخِمَارٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَلَمْ يُرِدْ رَفْعَ ذَلِكَ كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَبِسَهَا عَلَى حَدَثٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (كَيْفِيَّتَانِ) بَلْ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ إلَخْ) وَبَقِيَ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْتَنْشِقَ بِأُخْرَى، وَهَكَذَا فَهِيَ سِتُّ كَيْفِيَّاتٍ. قَوْلُهُ: (وَأَضْعَفُهَا) أَيْ فِي الثَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (فَتْحُ الرَّاءِ) أَيْ وَالْغَيْنُ كَسَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ.

قَوْلُهُ: (مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ عَلَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَرْضٌ.

قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ لِلْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ فِعْلُنَا وَهُوَ لَا يَكُونُ دَلِيلًا. وَقَوْلُهُ: (وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِضَفْرِهِ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ.

قَوْلُهُ: (صَارَ مُسْتَعْمَلًا) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ مَسْحُ الْبَعْضِ الْوَاجِبِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَرْدِيدَ مَاءِ الْمَرَّةِ الْأُولَى فِي سَائِرِ الطَّهَارَاتِ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَثْلِيثٌ لِاسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ أَيْ: إذَا رَدَّدَهَا يَحْصُلُ التَّثْلِيثُ بِتَرَدُّدِهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْحُسْبَانِ مَعَ تَعْلِيلِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَافِهٌ) أَيْ يَسِيرٌ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ التَّافِهُ الْحَقِيرُ الْيَسِيرُ وَبَابُهُ طَرِبٌ. اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَلِذَلِكَ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَلِذَلِكَ وَأَعَادَهُ لِأَجْلِ التَّوْضِيحِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ إلَى مَاءِ الِانْغِمَاسِ) وَلِذَلِكَ لَوْ تَحَرَّكَ الْمُنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَصَلَ لَهُ التَّثْلِيثُ لِتَوَقُّفِ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِهِ عَلَى انْفِصَالِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ مَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ) أَيْ تَجَزُّؤُهُ.

قَوْلُهُ: (كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ) فِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَالُوهُ فِي تَجَزُّؤِ بَعِيرِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ بَعِيرَ الزَّكَاةِ قِيلَ: إنَّهُ أَصْلٌ، وَقِيلَ هُوَ بَدَلٌ عَنْ الشَّاةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. ق ل. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَجَزُّؤُهُ فِي الزَّكَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَلَنْسُوَةٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَهِيَ عِرْقِيَّةٌ مُحَشِّيَةٌ بِقُطْنٍ تُوضَعُ فَوْقَ الرَّأْسِ وَقِيلَ الْمُجَوِّزَةُ. قَوْلُهُ: (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ. أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ نَحْوُ دَمِ بَرَاغِيثَ مِنْ نَجَاسَةٍ مَعْفُوٍّ عَنْهَا. الثَّانِي: أَنْ لَا يَمْسَحَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>