عِمَامَتِهِ» ، وَسَوَاءٌ أَعَسُرَ تَنْحِيَتُهَا أَمْ لَا. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ كَمَّلَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ.
(وَ) السَّادِسَةُ (مَسْحُ) جَمِيعِ (أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ) ، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ» وَيَأْخُذُ لِصِمَاخَيْهِ أَيْضًا مَاءً جَدِيدًا. وَكَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ أَنْ يُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ وَيُدِيرَهُمَا فِي الْمَعَاطِفِ، وَيُمِرَّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ ثُمَّ يُلْصِقَ كَفَّيْهِ وَهُمَا مَبْلُولَتَانِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا. وَالصِّمَاخُ بِكَسْرِ الصَّادِ وَيُقَالُ بِالسِّينِ هُوَ خَرْقُ الْأُذُنِ، وَتَأْخِيرُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ عَنْ الرَّأْسِ مُسْتَحَقٌّ كَمَا هُوَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْعِمَامَةِ مَا حَاذَى الْقَدْرَ الْمَمْسُوحَ مِنْ الرَّأْسِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ رَأْسِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَوْ رَفَعَهَا ثُمَّ رَدَّهَا صَارَ مُسْتَعْمِلًا. الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِاللُّبْسِ لِذَاتِهِ كَأَنْ لَبِسَهَا مُحْرِمٌ لَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِهِ لِعَارِضٍ كَغَاصِبٍ. الْخَامِسُ: أَنْ يَبْدَأَ بِمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَكَمَّلَ عَلَى عِمَامَتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى الْعِمَامَةِ طَيْلَسَانُ كَفَى الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي الْجُرْمُوقَ حَيْثُ لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى إذَا كَانَا قَوِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ بَدَّلَ عَنْ وَاجِبٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَلَوْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ مَسْرُوقَةً أَوْ مَغْصُوبَةً كَفَى الْمَسْحُ عَلَيْهَا كَالْخُفِّ الْمَسْرُوقِ أَوْ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ اللُّبْسِ لِعَارِضٍ وَهُوَ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ. قَالَ الْحِفْنِيُّ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ بَعْضِهِمْ أَنْ لَا يَمْسَحَ مِنْ الْعِمَامَةِ مَا قَابَلَ الْجُزْءَ مِنْ الرَّأْسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ حَقِيقَةَ الِاشْتِرَاطِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مَسْحُهُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ م ر اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَمَسْحُ جَمِيعِ أُذُنَيْهِ) بِضَمِّ الذَّالِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا، قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَا مَسْحُ الرَّقَبَةِ فَلَا يُسَنُّ قَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ. قَالَ: وَأَمَّا خَبَرُ «مَسْحِ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» فَمَوْضُوعٌ وَالْغُلُّ بِضَمِّ الْغَيْنِ هُوَ الطَّوْقُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا عَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ وَبِالْكَسْرِ مَعْنَاهُ الْحِقْدُ، وَأَثَرُ ابْنِ عُمَرَ مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. اهـ اج.
قَوْلُهُ: (ظَاهِرَهُمَا) أَيْ وَهُوَ مَا يَلِي الرَّأْسَ وَبَاطِنَهُمَا وَهُوَ مَا يَلِي الْوَجْهَ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَ كَانَتْ مَطْبُوقَةً كَالْبَيْضَةِ، فَلِهَذَا كَانَ مَا يَلِي الْوَجْهَ هُوَ الْبَاطِنُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَسْتُورًا. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلْ تَعْمِيمُ الْأُذُنَيْنِ شَرْطٌ لِكَمَالِ السُّنَّةِ حَتَّى لَوْ مَسَحَ الْبَعْضَ فَقَطْ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ أَوْ لِأَصْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ.
قَوْلُهُ: (بِمَاءٍ جَدِيدٍ) أَيْ غَيْرِ مَاءِ بَلَلِ الرَّأْسِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْأُذُنَيْنِ وَالصِّمَاخَيْنِ، فَإِنَّ الصِّمَاخَ مِنْ الْأُذُنِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ مِنْ الْوَجْهِ س ل.
قَوْلُهُ: (وَيَأْخُذُ لِصِمَاخَيْهِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الصِّمَاخَيْنِ دَاخِلَانِ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا، وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بَعْدَ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَبُلُّ سَبَّابَتَيْهِ وَيُدْخِلُهُمَا فِي صِمَاخَيْهِ، فَهَذَا مَاءٌ غَيْرُ مَاءِ الْأُذُنَيْنِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْخُذُ لِصِمَاخَيْهِ إنْ لَمْ يَمْسَحْهُمَا مَعَ الْأُذُنَيْنِ وَهِيَ كَيْفِيَّةٌ أُخْرَى، وَغَيْرُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: (وَكَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ) أَيْ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الصِّمَاخَيْنِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مَاءً جَدِيدًا) أَيْ غَيْرَ مَاءِ الْأُذُنَيْنِ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ طَهُورٌ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ لَا أَصْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِمَاءِ الْأُذُنَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ) أَيْ رَأْسَهُمَا وَالْمُسَبِّحَةُ هِيَ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ أَيْ التَّنْزِيهِ وَتُسَمَّى السَّبَّابَةُ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ وَالْمُخَاصَمَةِ وَتُسَمَّى الشَّاهِدُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ.
فَائِدَةٌ: «كَانَتْ سَبَّابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْوَلَ مِنْ الْوُسْطَى، وَالْوُسْطَى أَطْوَلَ مِنْ الْبِنْصِرِ، وَالْبِنْصِرُ أَطْوَلَ مِنْ الْخِنْصَرِ» اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَلْصَقُ كَفَّيْهِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ مَسْحِهِمَا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ اسْتِظْهَارًا، وَيُسَنُّ غَسْلُهُمَا ثَلَاثًا مَعَ الْوَجْهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا مِنْهُ، وَمَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ ثَلَاثًا لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا مِنْهُ وَثَلَاثًا اسْتِقْلَالًا وَثَلَاثًا اسْتِظْهَارًا، فَجُمْلَةُ مَا فِيهِمَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَرَّةً، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ الْأُذُنَيْنِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (اسْتِظْهَارًا) أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ الْمَسْحِ لِلْكُلِّ اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَالصِّمَاخُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بِكَسْرِ الصَّادِ إلَخْ. عَلَى نُسْخَةٍ وَهُوَ خَرْقٌ بِالْوَاوِ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةٍ هُوَ خَرْقٌ بِلَا وَاوٍ، فَالْخَبَرُ هُوَ قَوْلُهُ هُوَ خَرْقُ الْأُذُنِ قَوْلُهُ: (وَتَأْخِيرُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ عَنْ الرَّأْسِ مُسْتَحَقٌّ) فَلَوْ قَدَّمَ لَمْ