للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالُوا: الْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ قَالَ ابْنُ رِيحَةَ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا نَذَرَ صِيَامَهَا أَيْ مُرَتَّبَةً فَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ بِذِي الْقَعْدَةِ وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُحَرَّمِ، وَالثَّالِثُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ قَتَلَ) خَطَأً مَحْرَمًا (ذَاتَ رَحِمٍ) أَيْ قَرِيبٍ.

(مَحْرَمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَخَرَجَ بِمَحْرَمٍ ذَاتِ رَحِمٍ صُورَتَانِ: الْأُولَى مَا إذَا انْفَرَدَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ عَنْ الرَّحِمِ كَمَا فِي الْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ فَلَا يُغَلَّظُ بِهَا الْقَتْلُ قَطْعًا.

الثَّانِيَةُ: أَنْ تَنْفَرِدَ الرَّحِمِيَّةُ عَنْ الْمَحْرَمِيَّةِ كَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ، فَلَا تُغَلَّظُ فِيهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ فِي الْقَرَابَةِ.

تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ فِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ، وَفِي قَطْعِ الطَّرَفِ، وَفِي دِيَةِ الْجُرْحِ بِالنِّسْبَةِ لِدِيَةِ النَّفْسِ وَلَا يَدْخُلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ تَغْلِيظٌ وَلَا تَخْفِيفٌ بَلْ الْوَاجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ عَلَى قِيَاسِ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ.

وَلَا تَغْلِيظَ فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى النَّصِّ خِلَافَهُ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافَهُ.

، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَغْلَظُ.

قَوْلُهُ: (وَرَجَبُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُرَجِّبُهُ أَيْ تُعَظِّمُهُ، وَسُمِّيَ الْأَصَمَّ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَ فِيهِ صَوْتَ الْحَرْبِ، وَسُمِّيَ الْأَصَبَّ أَيْضًا لِانْصِبَابِ الْخَيْرَاتِ فِيهِ، وَقِيلَ: لَمْ يُعَذِّبْ اللَّهُ فِيهِ أُمَّةً وَرُدَّ بِأَنَّ جَمْعًا ذَكَرُوا أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ أُغْرِقُوا فِيهِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ، ثُمَّ رَجَبُ، ثُمَّ الْآخَرَانِ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَجَعْلُهَا مِنْ سَنَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ) اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ سَنَتَيْنِ، لِأَنَّنَا إذَا بَدَأْنَا بِالْقَعْدَةِ تَكُونُ هِيَ وَالْحِجَّةُ مِنْ السَّنَةِ الْقَدِيمَةِ وَيَكُونُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ (قَالَ ابْنُ رِيحَةَ) صَوَابُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ دَحْيَةَ كَمَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ لِلْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (مُرَتَّبَةً) أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بَدَأَ بِمَا يَلِي نَذْرَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (مَحْرَمًا ذَاتَ رَحِمٍ) لَوْ قَالَ: مَحْرَمَ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى لِيَخْرُجَ بِهِ بِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ مَثَلًا كَمَا مَرَّ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ دُخُولِ الذُّكُورِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي قَوْلِهِ: ذَاتَ إلَخْ مَعَ أَنَّ التَّغْلِيظَ شَامِلٌ لِلذُّكُورِ أَيْضًا كَمَا فِي م ر كَأَنْ قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ عَمَّهَا، أَوْ خَالَهَا، ق ل مَعَ زِيَادَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَحْرَمًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ مَحْرَمٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ) صَوَابُهُ أَيْ قَرِيبًا مَحْرَمًا، لِأَنَّ قَرِيبًا تَفْسِيرٌ لِذَاتِ الْمَنْصُوبِ، أَوْ يَقُولُ: قَرَابَةُ تَفْسِيرُ الرَّحِمِ.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِمَحْرَمٍ ذَاتِ رَحِمٍ) هُوَ نَاظِرٌ لِتَعْبِيرِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: ذَاتَ رَحِمٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ نَفْسًا ذَاتَ رَحِمٍ فَيَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا: مَحْرَمٍ إنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِرَحِمٍ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الرَّحِمَ الْقَرَابَةُ لَا الْمَحْرَمُ، وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِذَاتٍ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: مَحْرَمًا لِأَنَّ " ذَاتَ " مَنْصُوبَةٌ فَالْمُتَعَيَّنُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَتَلَ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ مَحْرَمٌ، وَلَكِنَّ الْجَارِيَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّهُ مَجْرُورٌ فَحِينَئِذٍ يُجْعَلُ بَدَلًا مِنْ رَحِمٍ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، لِأَنَّ الْمَحْرَمَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الرَّحِمِ أَيْ الْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الضَّمِيرِ فَيُقَدَّرُ لَهُ ضَمِيرٌ أَيْ لَهُ مَثَلًا، وَأَمَّا تَقْدِيرُ الشَّارِحِ مَحْرَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.

الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: " مَحْرَمٍ " فِي الْمَتْنِ.

وَالثَّانِي يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ بِالْإِنَاثِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ وَقَوْلُهُ: أَيْ قَرِيبٍ إنْ كَانَ تَفْسِيرَ الرَّحِمِ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الرَّحِمَ الْقَرَابَةُ لَا الْقَرِيبُ وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِذَاتِ فَكَانَ يَقُولُ: أَيْ قَرِيبًا فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ، وَإِبْقَاءَ الْمَتْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، ثُمَّ إنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْعِبَارَةِ بِرُمَّتِهَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهَا تَشْمَلُ بِنْتَ الْعَمِّ إذَا كَانَتْ أُخْتًا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمَّ الزَّوْجَةِ مَثَلًا فَيَصْدُقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا قَرِيبَةٌ وَمَحْرَمٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ذَاتَ مَحْرَمِ رَحِمٍ بِإِضَافَةِ " مَحْرَمٍ " لِرَحِمٍ وَيَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَيْ نَشَأَتْ مَحْرَمِيَّتُهَا مِنْ الْقَرَابَةِ فَتَخْرُجَ بِنْتُ الْعَمِّ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ مَحْرَمِيَّتَهَا نَشَأَتْ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيِّ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لِمَا مَرَّ، ع ش: أَيْ مِنْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ فِي الْحَرَمِ.

قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ الْجَنِينِ) أَيْ فِي بَدَلِ قَتْلِ الْجَنِينِ أَيْ فِيمَا إذَا فُقِدَتْ الْغُرَّةُ الْوَاجِبَةُ وَانْتَقَلَ إلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا لَا تُغَلَّظُ أَيْ لَا تَكُونُ مُثَلَّثَةً وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ بِالْحَرَمِ أَنَّهَا تُغَلَّظُ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَيْ إذَا انْتَقَلَ إلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ الَّتِي هِيَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُثَلَّثَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ) قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ التَّغْلِيظُ فِي الْحُكُومَاتِ وَالْغُرَّةِ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ يَعْنِي وَالِدَهُ كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>