للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَتْلَ بِالْخَطَأِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيهِ أَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَلَا يَتَضَاعَفُ بِالتَّغْلِيظِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ.

لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا انْتَهَى نِهَايَتُهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ، وَنَظِيرُهُ الْمُكَبَّرُ لَا يُكَبَّرُ، كَعَدَمِ التَّثْلِيثِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُغَلَّظَاتِ الدِّيَةِ.

شَرَعَ فِي مُنْقِصَاتِهَا فَمِنْهَا الْأُنُوثَةُ كَمَا قَالَهُ (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ) الْحُرَّةِ سَوَاءٌ أَقَتَلَهَا رَجُلٌ أَمْ امْرَأَةٌ (عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ) الْحُرِّ مِمَّنْ هِيَ عَلَى دِينِهِ نَفْسًا، أَوْ جُرْحًا لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأُلْحِقَ بِنَفْسِهَا جُرْحُهَا.

وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ هُنَا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا، لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا.

فَفِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ، أَوْ الْخُنْثَى خَطَأً عَشْرُ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَعَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا.

وَفِي قَتْلِهَا عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً.

(وَدِيَةُ) كُلٍّ مِنْ (الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ) وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا كَانَ مَعْصُومًا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (ثُلُثُ دِيَةِ) الْحُرِّ (الْمُسْلِمِ) نَفْسًا وَغَيْرَهَا.

أَمَّا فِي النَّفْسِ فَرُوِيَ مَرْفُوعًا، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.

وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُفْعَلُ بِلَا تَوْقِيفٍ فَفِي قَتْلِهِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جَذَعَاتٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ، وَفِي قَتْلِهِ خَطَأً لَمْ يُغَلَّظْ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَبَنِي اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: دِيَةُ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: نِصْفُهَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ قُتِلَ عَمْدًا فَدِيَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ خَطَأً فَنِصْفُهَا.

أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ وَمَنْ لَا أَمَانَ لَهُ، فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَهُوَ كَالْمَجُوسِيِّ.

وَأَمَّا الْأَطْرَافُ وَالْجِرَاحُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى النَّفْسِ.

تَنْبِيهٌ: السَّامِرَةُ كَالْيَهُودِ وَالصَّابِئَةُ كَالنَّصَارَى، إنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ أَهْلُ مِلَّتِهِمْ، وَإِلَّا فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ.

(وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ الَّذِي لَهُ) أَمَانٌ أَخَسُّ الدِّيَاتِ وَهِيَ (ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَفِيهِ عِنْدَ التَّغْلِيظِ: حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَخَلِفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ وَعِنْدَ التَّخْفِيفِ بَعِيرٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ سِنٍّ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سِتٌّ وَثُلُثَانِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ خَمْسَ فَضَائِلَ، وَهِيَ حُصُولُ كِتَابٍ، وَدِينٍ كَانَ حَقًّا بِالْإِجْمَاعِ، وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ وَيُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.

وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا التَّقْرِيرُ بِالْجِزْيَةِ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخَطِّ سم، وَفِي شَرْحِ م ر: التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ يَأْتِي فِي الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالذِّمِّيِّ، وَالْمَجُوسِيِّ، وَالْجِرَاحَاتِ بِحِسَابِهَا، وَالْأَطْرَافِ، وَالْمَعَانِي بِحِسَابِهَا بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ. اهـ، فَلَا يَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ نَفْسَ الْقِنِّ اهـ.

قَوْلُهُ: (إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ) فِيهِ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَمْ يَنْتَهِ نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ لِأَنَّهُ مُغَلَّظٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّثْلِيثُ فَقَطْ فَهُوَ يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ بِالْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ، أَيْ كَوْنِ الدِّيَةِ مُعَجَّلَةً وَكَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّغْلِيظِ فِي قَوْلِهِ: إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ التَّغْلِيظُ مِنْ حَيْثُ التَّثْلِيثُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ.

قَوْلُهُ: (كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ فِيهَا التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَمَا فِي اللِّعَانِ.

قَوْلُهُ: (نَفْسًا) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَقَوْلُهُ وَجُرْحًا أَيْ بِالْقِيَاسِ بِرْمَاوِيٌّ

قَوْلُهُ: (وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْيَهُودِ، أَوْ النَّصَارَى أَغْنَى عَنْهُمَا مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ بَلْ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَأَنْ يَقُولَ بَدَلَ ذَلِكَ: وَدِيَةُ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمُعَاهَدِ أَوْ الْمُؤَمَّنِ.

قَوْلُهُ: (تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يَضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ، لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُ سم: لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (قَضَى بِذَلِكَ) أَيْ بِالثُّلُثِ، قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّقْدِيرُ) أَيْ التَّقْدِيرُ بِالثُّلُثِ، قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ فَيَكُونُ مُهْدَرًا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَطْرَافُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ مَا فِي النَّفْسِ فَرُوِيَ مَرْفُوعًا.

قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِ دِيَتِهِ ثُلُثَيْ عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ حَقًّا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الدِّينِ وَالْكِتَابِ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>