الْخُمُسِ مِنْ دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: ثُلُثَا عُشْرٍ أَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُ خُمُسٍ.
لِأَنَّ فِي الثُّلُثَيْنِ تَكْرِيرًا وَأَيْضًا فَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ الْحِسَابِ لَهُ لِكَوْنِهِ أَخْصَرَ.
وَكَذَا وَثَنِيٌّ وَنَحْوُهُ كَعَابِدِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَزِنْدِيقٍ وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مِمَّنْ لَهُ أَمَانٌ كَدُخُولِهِ لَنَا رَسُولًا أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَمُهْدَرٌ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ دِيَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ مَثَلًا.
وَهِيَ كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَشْرَفِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبًا أَمْ أُمًّا، لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَالضَّمَانُ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ وَيَحْرُمُ قَتْلُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لِأَمَانِهِ، وَدِيَةُ النِّسَاءِ وَخَنَاثَى مِمَّنْ ذَكَرَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ.
وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ الْمَرْأَةِ إلَى هُنَا.
وَذَكَرَ مَعَهَا الْخُنْثَى لَشَمِلَ الْجَمِيعَ.
وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ.
وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ دِيَتُهُ، وَإِلَّا فَكَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَيُقْتَصُّ لِمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ.
وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ.
وَلَمَّا بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دِيَةَ النَّفْسِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا دُونَهَا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
إبَانَةُ طَرَفٍ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ وَجُرْحٌ مُخِلًّا بِتَرْتِيبِهَا، كَمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُبْتَدِئًا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَتُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ) أَيْ دِيَةُ نَفْسِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْعُضْوِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَغْلِيظًا، أَوْ تَخْفِيفًا (فِي) إبَانَةِ (الْيَدَيْنِ) الْأَصْلِيَّتَيْنِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْكَفُّ مَعَ الْأَصَابِعِ الْخَمْسِ هَذَا إنْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ مَفْصِلِ كَفٍّ، وَهُوَ الْكُوعُ.
فَإِنْ قَطَعَ فَوْقَ الْكَفِّ وَجَبَ مَعَ دِيَةِ الْكَفِّ حُكُومَةٌ، لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْكَفِّ لَيْسَ بِتَابِعٍ بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَطْعِهِمَا فِي السَّرِقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا بِالْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ إلَى النَّصِّ بِالْوَارِدِ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الرِّجْلَيْنِ) الْأَصْلِيَّتَيْنِ إذَا قُطِعَتَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ الْحِسَابِ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ خَطَأٌ عِنْدَ الْحِسَابِ لِتَصْوِيبِهِ ثُلُثَ خُمُسٍ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ، بَلْ هُوَ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى عِنْدَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ: أَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُ خُمُسٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ، بِالتَّصْوِيبِ الْأَوْلَوِيَّةُ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَمَنْ لَهُ أَمَانٌ.
قَوْلُهُ: (بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ، كَمَا فِي م ر، وَإِلَّا فَالْأَدْيَانُ كُلُّهَا قَدْ بُدِّلَتْ.
قَوْلُهُ: (فَدِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ) فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ بِأَنْ عَلِمْنَا تَمَسُّكَهُ بِدِينٍ حَقٍّ كَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَمْ نَعْلَمْ عَيْنَهُ وَجَبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ يَعْنِي دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِمَا بُدِّلَ مِنْ دِينٍ أَوْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ قَبْلَ الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ اهـ رَوْضٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَمَكَّنَ) أَيْ مِنْ الْهِجْرَةِ يَعْنِي أَنْ تَمَكُّنَهُ مِنْهَا وَلَمْ يُهَاجِرْ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعِصْمَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي بَيَانِ مَا دُونَهَا) أَيْ فِي بَيَانِ دِيَةِ مَا دُونَهَا. وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
قَوْلُهُ: (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا وَأَنَّثَهُ بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهَا، لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مُتَعَدِّدٌ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: بَعْدَ إبَانَةِ طَرَفٍ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى الدِّيَةِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ: " إبَانَةِ " أَيْ دِيَةِ إبَانَةِ طَرَفٍ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَجُرْحٌ) بِالرَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (مُخِلًّا بِتَرْتِيبِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ بَعْدَ الْمَنَافِعِ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي كَتَبَهُ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِي كِتَابَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فِي إبَانَةِ الرِّجْلَيْنِ) أَيْ قَطْعِ الرِّجْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ) أَيْ