(وَ) مِنْ السَّابِعَةِ (تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ) أَيْضًا لِخَبَرِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ. وَالتَّخْلِيلُ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَهُمَا، فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَيُخَلِّلُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى أَوْ الْيُمْنَى، كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلَيْنِ. وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَاجِبٌ بِتَخْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا كَانَتْ مُلْتَفَّةً لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخْلِيلِ أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَحِمَةً لَمْ يَجُزْ فَتْقُهَا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ النَّوَوِيُّ وَلَا غَيْرُهُ إلَى تَثْلِيثِ التَّخْلِيلِ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَنَّهُ «تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» . وَمُقْتَضَى هَذَا اسْتِحْبَابُ تَثْلِيثِ التَّخْلِيلِ. انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرٌ.
(وَ) الثَّامِنَةُ (تَقْدِيمُ) غَسْلِ (الْيُمْنَى عَلَى) غَسْلِ (الْيُسْرَى) مِنْ كُلِّ عُضْوَيْنِ لَا يُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِخَبَرِ: «، وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحِهِمَا، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي شَأْنِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَدَّى إلَى تَسَاقُطِ شَعْرِهِ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ، وَإِلَّا كُرِهَ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ السَّابِعَةِ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَّ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَالْأَصَابِعِ وَاحِدًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: عَشْرَةُ أَشْيَاءَ، وسم جَعَلَهُمَا اثْنَيْنِ لَكِنَّهُ عَدَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَاحِدًا فَتَأَمَّلْ. وَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (أَصَابِعِ) جَمْعُ أُصْبُعٍ وَفِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْعَاشِرَةُ أُصْبُوعٌ وَأَفْصَحُهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْغَزِّيِّ وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
بِأُصْبُعٍ ثُلِّثْنَ مَعَ مِيمِ أُنْمُلَةٍ ... وَثَلِّثْ الْهَمْزَ أَيْضًا وَارْوِ أُصْبُوعًا.
قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ لَقِيطِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَصَبِرَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسَرَهَا الْعُقَيْلِيُّ الصَّحَابِيِّ وَلَفْظُ الْخَبَرِ: «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» اهـ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ الْإِتْيَانُ بِهِ تَامًّا بِمَنْدُوبَاتِهِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إذَا تَوَضَّأْت فَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْك وَرِجْلَيْك» اهـ. رَحْمَانِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (بِالتَّشْبِيكِ) أَيْ الْأَكْمَلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ التَّشْبِيكِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِيمَنْ بِالْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِالتَّشْبِيكِ أَيْ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ وَقَعَ سَوَاءٌ أَجَعَلَ بَطْنًا لِبَطْنٍ أَمْ بَطْنًا لِظَهْرٍ، لَكِنَّ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ فِي تَخْلِيلِ الْيَدِ الْيُمْنَى أَنْ يَجْعَلَ بَطْنَ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ الْيُمْنَى، وَفِي تَخْلِيلِ الْيَدِ الْيُسْرَى بِالْعَكْسِ خُرُوجًا مِنْ فِعْلِ الْعِبَادَةِ عَلَى صُورَةِ الْعَادَةِ فِي التَّشْبِيكِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَحَلُّ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَدْرَسَةً تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ أَوْ غَيْرُهَا كَمَا فِي اج.
قَوْلُهُ: (يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ) أَيْ الْأَكْمَلُ فِيهِ ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ، فَيَكُونُ التَّخْلِيلُ بِخِنْصَرٍ مِنْ خِنْصَرٍ إلَى خِنْصَرٍ أَيْ: فَيَكُونُ التَّخْلِيلُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى. قَوْلُهُ: (أَوْ الْيُمْنَى) ضَعِيفٌ أَوْ مُرَادُهُ عِنْدَ فَقْدِ الْيُسْرَى.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ فَتْقُهَا) أَيْ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَفِي كَوْنِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ قَوْلُهُمْ وَالطَّهَارَةُ ثَلَاثًا. وَقَوْلُ الْبَهْجَةِ وَثَلِّثْ الْكُلَّ بَعْدَ ذِكْرِ التَّخْلِيلِ وَغَيْرُهُ صَرِيحٌ فِي تَثْلِيثِهِ وَسَائِرِ عِبَارَاتِهِمْ كَذَلِكَ اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ) أَيْ عُثْمَانُ رَأَيْت إلَخْ. وَأَتَى الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى تَثْلِيثِ التَّخْلِيلِ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِفِعْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِقَوْلِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ: كَيْفَ آخُذُ بِقَوْلِ مَنْ لَوْ عَاصَرَنِي وَحَاجَجَنِي لَحَجَجْته.
قَوْلُهُ: (كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ بِالنَّظَرِ لِلسَّلِيمِ، أَمَّا نَحْوُ الْأَقْطَعِ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَلَوْ عَكَسَ التَّرْتِيبَ أَوْ طُهْرَهُمَا مَعًا كُرِهَ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَالرِّجْلَيْنِ) دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَابِسَ خُفٍّ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَمْسَحُهُمَا مَعًا م ر.
قَوْلُهُ: (كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْمَدْلُولِ فَالْأَوْلَى دَلِيلٌ خَاصٌّ بِالْوُضُوءِ، وَهُوَ