للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) الرَّابِعُ (وُجُودُ الْوَطْءِ) بِغَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا عِنْدَ فَقْدِهَا مِنْ مُكَلَّفٍ بِقُبُلٍ وَلَوْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ كَمَا مَرَّ.

(فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) لِأَنَّ الشَّهْوَةَ مُرَكَّبَةٌ فِي النُّفُوسِ فَإِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ فَقَدْ اسْتَوْفَاهَا. فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْحَرَامِ وَلِأَنَّهُ يُكْمِلُ طَرِيقَ الْحِلِّ بِدَفْعِ الْبَيْنُونَةِ بِطَلْقَةٍ، أَوْ رِدَّةٍ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوَطْءِ الْمُفَاخَذَةُ وَنَحْوُهَا. وَبِقَيْدِ الْحَشَفَةِ غَيْبُوبَةُ بَعْضِهَا وَبِقَيْدِ الْقُبُلِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَبِقَيْدِ النِّكَاحِ الْوَطْءُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَالْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ. وَبِقَيْدِ الصَّحِيحِ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ كَمَالٍ، فَلَا حَصَانَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهَا بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْأَصَحُّ: الْمَنْصُوصُ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ لِحَشَفَةِ الرَّجُلِ أَوْ قَدْرِهَا حَالَ حُرِّيَّتِهِ الْكَامِلَةِ وَتَكْلِيفِهِ. فَلَا يَجِبُ الرَّجْمُ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ رَقِيقٌ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ وُقُوعُهُ فِي حَالِ الْكَمَالِ، لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَكْمَلِ الْجِهَاتِ وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ، فَاعْتُبِرَ حُصُولُهُ مِنْ كَامِلٍ حَتَّى لَا يُرْجَمَ مَنْ وَطِئَ وَهُوَ نَاقِصٌ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ كَامِلٌ، وَيُرْجَمَ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ وَرِقٍّ وَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: يَرُدُّ عَلَى هَذَا إدْخَالُ الْمَرْأَةِ حَشَفَةَ الرَّجُلِ وَهُوَ نَائِمٌ وَإِدْخَالُهُ فِيهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ لِلنَّائِمِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَ الْفِعْلِ.

أُجِيبَ: بِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ اسْتِصْحَابًا لِحَالِهِ قَبْلَ النَّوْمِ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتُوا عَنْ شَرْطِ الِاخْتِيَارِ هُنَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ الْإِصَابَةُ وَالزَّوْجُ مُكْرَهٌ عَلَيْهَا.

وَقُلْنَا: بِتَصَوُّرِ الْإِكْرَاهِ حَصَلَ التَّحْصِينُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الْوَاطِئِ تُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْمَوْطُوءَةِ وَالْأَظْهَرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ: أَنَّ الْكَامِلَ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ بِنَاقِصٍ؛ مُحْصَنٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ. فَأَشْبَهَ مَا إذَا كَانَا كَامِلَيْنِ.

وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ زَانِيَةٌ وَحْدَهَا بَلْ مَعَ زَوْجٍ، أَوْ مَحْرَمٍ لِخَبَرِ: «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِسْلَامِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ.

قَوْلُهُ: (الْمُسْتَأْمَنُ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهَدُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ بِعَقْدٍ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ. قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَنَى وَلَوْ لَمْ يُزِلْ الْبَكَارَةَ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ، أَوْ يُرْجَمُ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَطِئَ) فِعْلُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَوْفَاهَا أَيْ الشَّهْوَةَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ إلَخْ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ يُكْمِلُ أَيْ يُقَوِّي طَرِيقَ الْحِلِّ أَيْ حِلِّ النِّكَاحِ بِدَفْعِ الْبَيْنُونَةِ بِطَلْقَةٍ، أَوْ رِدَّةٍ فَإِنَّ مَنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ ارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ تَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ أَوْ الرِّدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا تَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ لِلْوَطْءِ مَزِيَّةً تَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ هُنَا فَلَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (طَرِيقُ الْحِلِّ) أَيْ حِلِّ الزَّوْجَةِ، وَطَرِيقُ الْحِلِّ هِيَ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ: بِدَفْعِ مُتَعَلِّقٍ بِ يَكْمُلُ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ دَفْعِ الْبَيْنُونَةِ بِطَلْقَةٍ، أَوْ رِدَّةٍ حَاصِلَةٍ بِدُونِ وَطْءٍ، لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ تَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ مَعَهُ بِطَلْقَةٍ، أَوْ رِدَّةٍ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْوَطْءُ يَدْفَعُ ذَلِكَ أَيْ يَدْفَعُ الْبَيْنُونَةَ بِمَا ذُكِرَ بَلْ لَا تَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ إلَّا بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ وَلَا تَحْصُلُ بِالرِّدَّةِ إلَّا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ لِلْوَطْءِ مَزِيَّةً تَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْإِحْصَانِ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ) مُسْتَدْرَكٌ.

قَوْلُهُ: (بِنَاقِصٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: تَزَوَّجَ بِنَاقِصٍ، أَوْ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِكَامِلٍ أَيْ الَّذِي يَكْمُلُ بِالنَّاقِصِ وَالْمُرَادُ كَامِلٌ مَعَ نَاقِصٍ وَخَبَرُ أَنَّ قَوْلُهُ: " مُحْصَنٌ " لَا مَحْذُوفٌ كَمَا تُوُهِّمَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى شُرُوطِ الْإِحْصَانِ. قَوْلُهُ: (بَلْ مَعَ زَوْجٍ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً، أَوْ حُرَّةً وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ طَرَأَ التَّزْوِيجُ بَعْدَ الزِّنَا فَلَا يُقَالُ: إنَّ مَنْ لَهَا زَوْجٌ مُحْصَنَةٌ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَعِبَارَةُ خ ض فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ تَكُونُ زَوْجَةً وَتَزْنِي وَيَكُونُ الْوَاجِبُ التَّغْرِيبَ دُونَ الرَّجْمِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلزَّوْجَةِ إنَّمَا هُوَ الرَّجْمُ لَا الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ. قُلْت: يُصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَزَنَتْ فَيُقَالُ لَهَا زَوْجَةٌ الْآنَ وَهُوَ زَوْجٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَحْرَمٍ) وَمِثْلُهُ نِسْوَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>