حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِ فُلَانَةَ، عَلَى وَجْهِ الزِّنَا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِقْرَارِ مُفَصَّلًا كَالشَّهَادَةِ. وَخَرَجَ بِالْإِقْرَارِ الْحَقِيقِيِّ التَّقْدِيرِيُّ وَهُوَ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا، وَلَكِنْ يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ.
وَيُسَنُّ لِلزَّانِي وَكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً: السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ لِخَبَرِ: «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنَّ مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
(وَحُكْمُ اللِّوَاطِ) وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا فِي دُبُرِ ذَكَرٍ وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ أُنْثَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ. (وَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ) مُطْلَقًا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ (حُكْمُ الزِّنَا) فِي الْقُبُلِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اللِّوَاطِ فَقَطْ فَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ الْمُحْصَنُ، وَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ غَيْرُهُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ فَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ مُطْلَقًا أُحْصِنَ أَمْ لَا.
عَلَى الْأَصَحِّ وَخَرَجَ بِقَيْدِ " غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ " اللِّوَاطُ بِهِمَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بَلْ وَاجِبُهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الرَّوْضَةِ.
أَيْ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تَعْزِيرَ. كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ.
، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ إتْيَانَ الْبَهَائِمِ فِي الْحَدِّ كَالزِّنَا فَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ حَدٌّ يَجِبُ بِالْوَطْءِ كَذَا عَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ.
وَالثَّانِي أَنَّ وَاجِبَهُ الْقَتْلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) كَمَا إذَا قَذَفَ شَخْصًا بِالزِّنَا وَطَلَبَ مِنْهُ الْمَقْذُوفُ حَدَّ الْقَذْفِ فَطَلَبَ مِنْهُ يَمِينَهُ، عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَحَلَفَ أَنَّهُ زَانٍ. اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلزَّانِي إلَخْ) وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ سَقَطَ الْحَدُّ لَا إنْ هَرَبَ، أَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي. أَمَّا الْحَدُّ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ كَمَا لَا يَسْقُطُ هُوَ وَلَا الثَّابِتُ بِالْإِقْرَارِ بِالتَّوْبَةِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ، أَوْ بَعْدَهُ كَأَنْ قَالَ: كَذَبْتُ، أَوْ مَا زَنَيْتُ، أَوْ رَجَعْتُ أَوْ فَاخَذْتُ فَظَنَنْتُهُ زِنًا وَإِنْ شَهِدَ حَالُهُ بِكَذِبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَى قَاتِلِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ لِإِسْقَاطِ مَهْرِ مَنْ قَالَ: زَنَيْتُ بِهَا مُكْرَهَةً، لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. اهـ. زي، مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ م ر. وَقَوْلُهُ: لَا تَحُدُّونِي خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: قَدْ حَدَّنِي الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ بِبَدَنِهِ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ أَيْ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِقْرَارَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (الْقَاذُورَاتِ) أَيْ الْمَعَاصِي. قَوْلُهُ (صَفْحَتَهُ) أَيْ ذَنْبَهُ وَنُسْخَةٌ " فُضْحَتَهُ " أَيْ زَلَّتَهُ وَجَرِيمَتَهُ، وَمَحَلُّ نَدْبِ السَّتْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ شَيْخٍ يُرْشِدُهُ لِدَوَاءِ ذَنْبِهِ وَهُوَ التَّوْبَةُ مِنْهُ، أَوْ كَسْرٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِأَجْلِ النَّدَمِ.
قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ اللِّوَاطِ إلَخْ) وَلِبَعْضِهِمْ فِي ذَمِّهِ نَظْمٌ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّعْرَانِيُّ:
ظَلَامٌ لِقَلْبٍ ضِيقُ رِزْقٍ لِفَاعِلٍ ... لِإِحْدَى خِصَالٍ ثُمَّ مَقْتٌ بِحِرْمَانِ
هِيَ الْكِيمْيَا ثُمَّ اللِّوَاطُ وَشُغْلُهُ ... بِعِلْمٍ لِرُوحَانِيٍّ كَذَا نَصُّ شَعْرَانِيّ
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (حُكْمُ الزِّنَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا وَهَذَا مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ، وَإِلَّا فَهُوَ زِنًا شَرْعًا وَلِذَلِكَ يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَزْنِي ق ل. قَوْلُهُ: (فِي الْقُبُلِ) مُتَعَلِّقٌ بِالزِّنَا. قَوْلُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اللِّوَاطِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ مُطْلَقًا وَفِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ. قِيلَ: بِالسَّيْفِ وَقِيلَ: بِالرَّجْمِ، وَقِيلَ: بِهَدْمِ جِدَارٍ عَلَيْهِ. وَقِيلَ بِإِلْقَائِهِ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) بَيَّنَ الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ: أَحْصَنَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْمَفْعُولِ فِي دُبُرِهِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي الدُّبُرِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يُؤَثِّرَ الْإِحْصَانُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ فِيهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَنْ خَشِيَ الزِّنَا وَزَوْجَتُهُ حَائِضٌ يُبَاحُ لَهُ دُبُرُهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا بَلْ يُبَاحُ لَهُ حِينَئِذٍ وَطْؤُهَا فِي الْقُبُلِ مَعَ الْحَيْضِ لِلضَّرُورَةِ قَوْلُهُ: (بَلْ وَاجِبُهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ) وَلَيْسَ كَبِيرَةً فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ق ل.
قَوْلُهُ: (وَالزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ، هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ فَإِنَّهَا إذَا مَكَّنَتْ زَوْجَهَا، أَوْ سَيِّدَهَا مِنْ دُبُرِهَا بِاخْتِيَارِهَا فَإِنَّهَا تُعَزَّرُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ التَّعْزِيرُ عَلَى التَّكْرِيرِ لِخَوْفِ الْمُقَاطَعَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ تَسْقُطُ بِهَا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي أَيْ فَيُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَيُجْلَدُ