مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. وَأَظْهَرُهَا لَا حَدَّ فِيهِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، لِأَنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَأْبَاهُ فَلَمْ يُحْتَجْ إلَى زَاجِرٍ بِحَدٍّ. بَلْ يُعَزَّرُ وَفِي النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " لَيْسَ عَلَى الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ حَدٌّ " وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقُولُهُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ.
. (وَمَنْ وَطِئَ) الْأَوْلَى " وَمَنْ بَاشَرَ " (فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) بِمُفَاخَذَةٍ، أَوْ مُعَانَقَةٍ، أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (عُزِّرَ) بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ صَفْعٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَفْيٍ، وَيَعْمَلُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهَا. وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّوْبِيخِ بِاللِّسَانِ وَحْدَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. وَلَا يَبْلُغُ الْإِمَامُ وُجُوبًا (بِالتَّعْزِيرِ أَدْنَى الْحُدُودِ) لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي التَّعْزِيرِ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ مَا فِيهِ حَدٌّ كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَسَرِقَةِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، وَالسَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ أَمْ لَا، كَالتَّزْوِيرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنُشُوزِ الْمَرْأَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الثَّانِي وَيُغَرَّبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَنَّ وَاجِبَهُ الْقَتْلُ) وَفِي كَيْفِيَّتِهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي اللِّوَاطِ، وَأَمَّا قَتْلُ الْبَهِيمَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّ قَتْلَهَا بِذَبْحِهَا إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً وَيَغْرَمُ الْفَاعِلُ بِهَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، لِأَنَّ ذَبْحَهَا مَصْلَحَةٌ وَهُوَ السَّتْرُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِي بَقَائِهَا تَذَكُّرًا لِلْفَاحِشَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَالْأَصَحُّ: حِلُّ أَكْلِهَا إذَا ذُبِحَتْ، وَفِي وَجْهٍ لَا شَيْءَ لِصَاحِبِهَا، لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ قَتْلَهَا لِلْمَصْلَحَةِ دَمِيرِيٌّ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بِغَيْرِ الذَّبْحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ فَيَضْمَنُهَا كُلَّهَا إذَا ذُبِحَتْ.
قَوْلُهُ: (فَاقْتُلُوهُ) مَنْسُوخٌ عِنْدَنَا بِالْحَدِيثِ الْآتِي أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ. قَوْلُهُ: (وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ) أَيْ سَتْرًا عَلَى الْفَاعِلِ، لِأَنَّهَا إذَا رُئِيَتْ تُذُكِّرَ الْفَاعِلُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (الْأَوْلَى وَمَنْ بَاشَرَ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَطْءِ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِلْمُشَاكَلَةِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اسْتِيفَاءِ غَيْرِ الْأُمِّ مَالَهُ نَعَمْ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَأْدِيبُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَمِثْلُهُمَا الْأُمُّ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ قِنِّهِ وَلَوْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِلْمُعَلِّمِ تَأْدِيبُ الْمُتَعَلِّمِ مِنْهُ لَكِنْ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ، وَلِلزَّوْجِ تَعْزِيرُ زَوْجَتِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَنُشُوزٍ م ر: وَقَوْلُهُ: وَلِلْمُعَلِّمِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِلتَّعْلِيمِ، أَوْ كَانَ أَصْلَحَ مِنْ غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيمِ، وَعِبَارَةُ ق ل وَمُعَلِّمٌ لِمُتَعَلِّمٍ مِنْهُ وَلَوْ غَيْرَ صَبِيٍّ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ لَا إذْ لَهُ التَّأْدِيبُ وَلَوْ بِالضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَالَ ع ش وَمِنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَعَ الطَّلَبَةِ فَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَأْدِيبَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَلُّمِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ يَأْتِي صَاحِبُ الْحَقِّ لِلشَّيْخِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ الْمُتَعَلِّمِ مِنْهُ فَإِذَا طَلَبَهُ الشَّيْخُ مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا تَأْدِيبُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ فَلَوْ عَزَّرَهُ الشَّيْخُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (مِنْ ضَرْبٍ) أَيْ غَيْرِ مُبَرِّحٍ قَوْلُهُ: (أَوْ صَفْعٍ) هُوَ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ، أَوْ بَسْطِهَا م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَبْسٍ) أَيْ أَوْ قِيَامٍ مِنْ مَجْلِسٍ، أَوْ كَشْفِ رَأْسٍ، أَوْ تَسْوِيدِ وَجْهٍ، أَوْ حَلْقِ رَأْسٍ لِمَنْ يَكْرَهُهُ فِي زَمَنِنَا لَا لِلِحْيَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا: بِكَرَاهَتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْ لَا يَجُوزُ بِذَلِكَ فَإِنْ فُعِلَ بِهِ حُرِّمَ وَحَصَلَ التَّعْزِيرُ، كَمَا قَالَهُ ح ل خِلَافًا لِلشَّوْبَرِيِّ فِي عَدَمِ حُصُولِ التَّعْزِيرِ بِذَلِكَ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ حَيْثُ يَرَاهُ الْإِمَامُ فَلْيُحَرَّرْ، وَإِرْكَابُهُ الْحِمَارَ مَنْكُوسًا وَالدَّوْرَانُ بِهِ كَذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ وَتَهْدِيدُهُ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ.
وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ صَلْبَهُ حَيًّا مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا يُمْنَعُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي لَا مُومِيًا أَيْ بَلْ يُطْلَقُ حَتَّى يُصَلِّيَ، ثُمَّ يُصْلَبُ خِلَافًا لَهُ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِكُلِّ مُعَزَّرٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَبِجِنَايَتِهِ أَيْ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِجِنَايَتِهِ وَأَنْ يُرَاعِيَ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّدْرِيجِ مَا مَرَّ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ فَلَا يَرْتَقِي لِمَرْتَبَةٍ وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ إذْ لِلْإِمَامِ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ إنْ رَآهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ ق ل: وَمَنَعَ شَيْخُنَا م ر كَابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ الضَّرْبَ بِالدِّرَّةِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ، لِأَنَّهُ صَارَ عَارًا فِي ذُرِّيَّتِهِمْ اهـ.
قَوْلُهُ: (عَلَى التَّوْبِيخِ) أَيْ إنْ أَفَادَ. قَوْلُهُ: (أَدْنَى الْحُدُودِ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَعِشْرُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ سم هَذَا إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ أَمَّا غَيْرُهُ كَالْحَبْسِ فَيَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.
قَوْلُهُ: (كَالتَّزْوِيرِ) التَّزْوِيرُ هُوَ مُحَاكَاةُ الْخَطِّ.