للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِّرْيَاقُ الْمَعْجُونُ بِهَا وَنَحْوُهُ مِمَّا تُسْتَهْلَكُ فِيهِ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّدَاوِي مِنْ الطَّاهِرَاتِ كَالتَّدَاوِي بِنَجِسٍ كَلَحْمِ حَيَّةٍ وَبَوْلٍ. وَلَوْ كَانَ التَّدَاوِي بِذَلِكَ لِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ بِشَرْطِ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ بِذَلِكَ أَوْ مَعْرِفَتِهِ لِلتَّدَاوِي بِهِ، وَالنَّدُّ بِالْفَتْحِ الْمَعْجُونُ بِخَمْرٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِنَجَاسَتِهِ.

وَيَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ مِنْ غَيْرِ الْأَشْرِبَةِ لِقَطْعِ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ، أَمَّا الْأَشْرِبَةُ فَلَا يَجُوزُ تَعَاطِيهَا لِذَلِكَ.

وَأَصْلُ الْجَلْدِ أَنْ يَكُونَ بِسَوْطٍ، أَوْ يَدٍ، أَوْ نِعَالٍ أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ يَضْرِبُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِثَوْبِهِ» (وَيَجُوزُ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَبْلُغَ بِهِ) أَيْ الشَّارِبِ الْحُرِّ (ثَمَانِينَ) عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} [البقرة: ٢١٩] إلَخْ. قَوْلُهُ: (هَذَا إذَا تَدَاوَى بِصِرْفِهَا) لَمْ تَظْهَرْ هَذِهِ الْمُقَابَلَةُ، لِأَنَّ حُكْمَ التَّدَاوِي بِهَا صِرْفَةً كَحُكْمِهِ مَخْلُوطَةً وَهُوَ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ حُرِّمَ وَلَا حَدَّ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لَا حُرْمَةَ وَلَا حَدَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ التَّدَاوِيَ بِهَا صِرْفَةً حَرَامٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا حُكْمُ الْعَطَشِ فَيُحَرَّمُ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا، إلَّا إنْ أَدَّى عَدَمُ الشُّرْبِ إلَى تَلَفِ نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَيَجِبُ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ بَيْنَ الصِّرْفِ وَالْمَخْلُوطِ فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ صِرْفَةً وَوَجَدَ غَيْرَهَا يُحَرَّمُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يُحَدُّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَخْلُوطَةً وَوَجَدَ غَيْرَهَا وَتَدَاوَى بِالْمَخْلُوطِ فَلَا حَدَّ اتِّفَاقًا، وَأَيْضًا إذَا وَجَدَ غَيْرَهَا وَهِيَ صِرْفَةٌ تَكُونُ الْحُرْمَةُ حُرْمَةَ الْخَمْرِ، وَإِذَا كَانَتْ مَخْلُوطَةً وَوَجَدَ غَيْرَهَا تَكُونُ الْحُرْمَةُ حُرْمَةَ الْمُتَنَجِّسِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ حُرْمَةِ الْخَمْرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: بَعْدَ مَسْأَلَةِ إسَاغَةِ اللُّقْمَةِ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ بِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا أَيْ وَجَدَ غَيْرَهَا أَوْ لَا. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَالسَّلَامَةُ بِذَلِكَ قَطْعِيَّةٌ أَيْ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ. قَوْلُهُ: (أَمَّا التِّرْيَاقُ إلَخْ) لَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَا مَعْجُونٍ هُوَ فِيهِ، لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا فِي مَقَامِ جَوَازِ التَّدَاوِي بِهِ وَمَا مَرَّ فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَيُقَالُ: فِيهِ دَرَّاقٌ وَطَرَّاقٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَأَوَّلُهَا مَكْسُورٌ أَوْ مَضْمُومٌ فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ التَّدَاوِي إلَخْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَمْنَعُ التَّدَاوِيَ لِلتَّعْجِيلِ وَهِيَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ: يَجُوزُ وَعِبَارَةُ زي: وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِصِرْفِ النَّجِسِ إلَّا الْمُسْكِرَ وَلَوْ بِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ بِشَرْطِ إخْبَارِ عَدْلٍ عَارِفٍ، أَوْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ بِالتِّرْيَاقِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَعْجُونٍ بِالْخَمْرِ قَوْلُهُ: (وَالنَّدُّ) نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ شَارِحُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ مِنْ غَيْرِ الْأَشْرِبَةِ) : بِنَحْوِ بَنْجٍ لِقَطْعِ عُضْوٍ اهـ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِمَنْ أَخَذَ بِكْرًا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ افْتِضَاضُهَا إلَّا بِإِطْعَامِهَا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهَا مِنْ نَحْوِ بَنْجٍ، أَوْ حَشِيشٍ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ، لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى تَمْكِينِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ وَطْئِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لَهَا أَذًى لَا يَحْتَمِلُ مِثْلَهُ فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ. اهـ.

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُ الْجَلْدِ) أَيْ الْغَالِبُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ الْمَرِيضُ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِكَنِعَالٍ. اهـ. شَيْخُنَا. وَكَتَبَ أج عَلَى قَوْلِهِ: وَأَصْلُ الْجَلْدِ إلَخْ شَامِلٌ لِحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالسَّوْطُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْمُتَّخَذُ مِنْ سُيُورٍ تُلْوَى وَتُلَفُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسَوِّطُ اللَّحْمَ بِالدَّمِ أَيْ يَخْلِطُهُ بِهِ سم زي.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ شَدِّ طَرَفِ الثَّوْبِ وَفَتْلِهِ حَتَّى يُؤْلِمَ. اهـ. م ر هـ م د. قَوْلُهُ: (أَيْ الشَّارِبِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ بِحَدِّ الشَّارِبِ لِلْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِينَ كُلَّهَا حَدٌّ أَوْ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرٌ اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ.

قَوْلُهُ: (وَكُلٌّ سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>