مُسْلِمٌ بِسَرِقَةِ حُصُرِ الْمَسْجِدِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِعْمَالِ. وَلَا سَائِرِ مَا يُفْرَشُ فِيهِ وَلَا قَنَادِيلَ تُسْرَجُ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ فِيهِ حَقٌّ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِالْمُعَدَّةِ حُصُرُ الزِّينَةِ فَيُقْطَعُ فِيهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَبِالْمُسْلِمِ الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَلَاطُ الْمَسْجِدِ كَحُصُرِهِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِعْمَالِ وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ بَابِ الْمَسْجِدِ وَجِذْعِهِ وَتَأْزِيرِهِ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفِهِ وَقَنَادِيلِ زِينَةٍ فِيهِ، لِأَنَّ الْبَابَ لِلتَّحْصِينِ وَالْجِذْعَ وَنَحْوَهُ لِلْعِمَارَةِ وَلِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي الْقَنَادِيلِ وَيَلْحَقُ بِهَذَا سِتْرُ الْكَعْبَةِ إنْ خِيطَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُحْرَزٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سِتْرُ الْمِنْبَرِ كَذَلِكَ إنْ خِيطَ عَلَيْهِ وَلَوْ سَرَقَ الْمُسْلِمُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا نُظِرَ إنْ أُفْرِزَ لِطَائِفَةٍ كَذَوِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينِ وَكَانَ مِنْهُمْ، أَوْ أَصْلُهُ، أَوْ فَرْعُهُ، فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ أُفْرِزَ لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ وَلَا أَصْلُهُ وَلَا فَرْعُهُ قُطِعَ؛ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُفْرَزُ لِطَائِفَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الثَّابِتُ لَهُمْ الِاخْتِصَاصُ لَا الْمِلْكُ فَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: تَامًّا قَوِيًّا أَيْ بِأَنْ يَخْتَصَّ بِهِ مُعَيَّنٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ) يُتَأَمَّلُ تَفْرِيعُهُ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ تَامًّا قَوِيًّا فَقَدْ يُقَالُ: مَا مَعْنَى كَوْنِ الْمِلْكِ فِي هَذَا غَيْرَ تَامٍّ وَغَيْرَ قَوِيٍّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ حَقٌّ مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ فَمِلْكُهُ غَيْرُ تَامٍّ وَغَيْرُ قَوِيٍّ فَالْمُرَادُ بِالْقَوِيِّ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ مُعَيَّنٌ. اهـ. م د.
وَعَلَى كُلٍّ فَفِيهِ تَسَاهُلٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ عَدَمِ الشُّبْهَةِ لِلسَّارِقِ وَمَا ذَكَرَ فِيهِ لَهُ شُبْهَةٌ.
قَوْلُهُ: (حُصُرِ الْمَسْجِدِ) أَيْ إذَا كَانَ عَامًّا أَمَّا إذَا كَانَ خَاصًّا بِجَمَاعَةٍ فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ يُفَصَّلُ فِيهِمْ التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الشَّارِحِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا م ر. قَوْلُهُ: (وَلَا سَائِرِ مَا يُفْرَشُ فِيهِ) كَالْبِسَاطَاتِ وَالسَّجَّادَاتِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ. وَقَوْلُهُ: الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ. اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ فَإِنَّ الْحُصُرَ إذَا فُرِشَتْ وَلَوْ يَوْمَ الْعِيدِ فَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ. فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا حُصُرٌ، أَوْ سَجَّادَاتٌ تُعَلَّقُ عَلَى الْحِيطَانِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لِلزِّينَةِ، لِأَنَّهُ لَا اسْتِعْمَالَ حِينَئِذٍ. اهـ، وَمِثْلُ الْحُصُرِ الْمِنْبَرُ، وَالدِّكَّةُ وَكُرْسِيُّ الْوَاعِظِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّارِقُ خَطِيبًا وَلَا وَاعِظًا وَلَا مُؤَذِّنًا وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ بَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ أَبْوَابُ الْأَخْلِيَةِ، لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلسَّتْرِ بِهَا، عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَدْرِ رُبُعِ دِينَارٍ كَمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (حُصُرُ الزِّينَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُفْرَشُ فِي الْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا كَالْجُمَعِ، شَيْخُنَا، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهَا بِاَلَّتِي تُبْسَطُ عَلَى الْحِيطَانِ.
قَوْلُهُ: (وَبِالْمُسْلِمِ الذِّمِّيُّ) وَكَذَا مُسْلِمٌ لَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِأَنْ اُخْتُصَّتْ بِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ زي وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَلَيْسَ مِنْهُ أَرْوِقَةُ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَإِنَّ الِاخْتِصَاصَ بِمَنْ فِيهَا عَارِضٌ؛ إذْ أَصْلُ الْمَسْجِدِ، إنَّمَا وُقِفَ لِلصَّلَاةِ وَالْمُجَاوَرَةُ بِهِ مِنْ أَصْلِهَا طَارِئَةٌ.
قَوْلُهُ: (فَيُقْطَعُ) وَأَمَّا سَرِقَتُهُ مِنْ كَنَائِسِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُسْلِمِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (بَلَاطُ الْمَسْجِدِ) وَرُخَامُهُ. الَّذِي فِي أَرْضِهِ أَمَّا مَا فِي جِدَارِهِ فَيُقْطَعُ بِهِ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْبَوَّابِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُقْطَعُ أَصْلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْمُجَاوِرُونَ فِيهِ. قَوْلُهُ: " (بَابِ الْمَسْجِدِ) وَيَلْحَقُ بِهِ سِتْرُ الْكَعْبَةِ " فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ خِيطَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُحْرَزٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سِتْرُ الْمِنْبَرِ كَذَلِكَ، إنْ خِيطَ عَلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ: مِثْلُ ذَلِكَ فِي سِتْرِ الْأَوْلِيَاءِ اهـ. شَرْحَ م ر وع ش وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (وَجِذْعِهِ) أَيْ مَا يُعْمَرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُجْعَلَ السَّقْفُ عَلَيْهِ وَكَذَا السُّقُوفُ فَيُقْطَعُ بِهَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوَضْعِهَا صِيَانَتُهُ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ فَلَوْ جُعِلَ فِيهِ نَحْوُ سَقِيفَةٍ بِقَصْدِ وِقَايَةِ النَّاسِ مِنْ نَحْوِ الْبَرْدِ فَلَا قَطْعَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُغَطَّى بِهِ نَحْوُ فَتْحَةٍ فِي سَقْفِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ الْبَرْدِ الْحَاصِلِ مِنْهَا عَلَى النَّاسِ. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (وَتَأْزِيرِهِ) هُوَ مَا يُعْمَلُ فِي أَسْفَلِ الْجِدَارِ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. شَيْخُنَا قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَزَّرْت الْحَائِطَ تَأْزِيرًا جَعَلْت لَهُ مَنْ أَسْفَلِهِ كَالْإِزَارِ.
قَوْلُهُ: (وَسَوَارِيهِ) أَيْ عَوَامِيدِهِ، وَ " قَنَادِيلِ " زِينَةٍ " بِالْإِضَافَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ لِتَحْصِينِ الْمَسْجِدِ وَحِفْظِهِ كَأَبْوَابِهِ وَسَقْفِهِ وَمَا كَانَ لِلزِّينَةِ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ وَمِثْلُ قَنَادِيلِ الزِّينَةِ مَا هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِهِ مِنْ نَحْوِ سِلْسِلَةٍ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سِتْرُ الْمِنْبَرِ) وَكَذَا سَجَّادَةُ الْإِمَامِ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ اهـ خ ض قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُفْرَزْ لِطَائِفَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لِطَائِفَةٍ