الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) أَيْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ (سَقَطَ عَنْهُ الْحُدُودُ) أَيْ الْعُقُوبَاتُ الَّتِي تَخُصُّ الْقَاطِعَ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لِآيَةِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] (وَأُوخِذَ) مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى طُولِبَ. (بِالْحُقُوقِ) أَيْ بِبَاقِيهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ بِالتَّوْبَةِ قَوَدٌ وَلَا مَالٌ. وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ مِنْ حَدِّ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَقَذْفٍ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةَ فِيهَا لَمْ تَفْصِلْ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ نَعَمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ كَسَلًا يُقْتَلُ حَدًّا عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَابَ سَقَطَ الْقَتْلُ قَطْعًا وَالْكَافِرُ إذَا زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ وَلَا يُرَدُّ الْمُرْتَدُّ إذَا تَابَ حَيْثُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ إذَا أَصَرَّ يُقْتَلُ كُفْرًا لَا حَدًّا وَمَحِلُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَتْلُهُ. مَرْحُومِيٌّ وَعِبَارَةُ س ل فَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ تَحَتَّمَ الْقَتْلُ.
قَوْلُهُ: (كَالْكَفَّارَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِقَتْلِ النَّفْسِ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى قَاتِلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ. . . إلَخْ.
قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونَ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ فِي أَسْبَابِهَا كَإِرْسَالِ الْجُيُوشِ، لِإِمْسَاكِهِمْ وَلَوْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ فَزَعَمَ التَّوْبَةَ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ، مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ اهـ سم م د مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ) أَيْ مِمَّا هُوَ حَقُّ اللَّهِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْقَتْلِ الْغَيْرِ الْمُتَحَتِّمِ فَهُوَ بَاقٍ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ بَعْدَ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ أَوْ يَقْتُلَ فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَفَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ بِمَالٍ وَجَبَ مَفْرُوضٌ فِيمَا قَبْلَ التَّوْبَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَقَالَ ح ل: فِيهِ أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ لَا يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تُشَارِكُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي يَخُصُّهُ مَجْمُوعُ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَسَقَطَ قَطْعُ الْيَدِ تَبَعًا لِسُقُوطِ قَطْعِ الرِّجْلِ فَقَوْلُهُ: مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ أَيْ قَطْعُ مَجْمُوعِ ذَلِكَ اهـ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُمَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهَا وَهُوَ قَطْعُ الرِّجْلِ لِلْمُحَارَبَةِ سَقَطَ الْبَاقِي وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ وَقَوْلُهُ: وَقَطْعُ عُطِفَ عَلَى تَحَتَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَحَتِّمًا كَمَا قَدَّمَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا عَنْ غَيْرِهِ) هُوَ زِيَادَةُ حُكْمٍ عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ فَذِكْرُهُ اسْتِطْرَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ) بِخِلَافِ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْإِصْرَارُ عَلَى التَّرْكِ وَبِالتَّوْبَةِ تَزُولُ. اهـ. ح ل وَعِبَارَةُ ق ل نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ بِإِسْلَامِهِ وَقَتْلُ تَارِكِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ حُدُودٌ ثَلَاثَةٌ اهـ، وَأَتَى الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ لِإِدْخَالِ قَوْلِهِ: وَلَا عَنْ غَيْرِهِ فِي الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَبْلَهُ قَوَدٌ وَلَا مَالٌ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حَدِّ زِنًا) أَيْ قَبْلَ الْحِرَابَةِ أَوْ فِيهَا، وَقَوْلُهُ وَسَرِقَةٍ أَيْ قَبْلَ الْحِرَابَةِ أَمَّا السَّرِقَةُ فِي الْحِرَابَةِ فَيَسْقُطُ حُكْمُهَا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ قَوْلُهُ: (وَشُرْبِ الْخَمْرِ) أَيْ فِي الْحِرَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ) كَآيَةِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] وَالْآيَةِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨] وَقَوْلُهُ: الْوَارِدَةُ فِيهَا أَيْ فِي بَاقِي الْحُدُودِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَفْصِلْ بِكَسْرِ الصَّادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] وَلَمْ يَقُلْ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] وَلَمْ يَقُلْ: إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَهَكَذَا.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ. . . إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا عَنْ غَيْرِهِ إلَى قَوْلِهِ: وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ اهـ.
قَوْلُهُ: (يُقْتَلُ حَدًّا) أَيْ فَيَكُونُ حَدُّهُ قَتْلَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِالْجَلْدِ إلَى أَنْ يَمُوتَ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ.
قَوْلُهُ: (وَالْكَافِرُ إذَا زَنَى) وَمَحِلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ كَالْحَرْبِيِّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَعُمُومُ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ) أَيْ لِعُمُومِ {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وَهَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ سُقُوطِهِ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا حَيْثُ كَانَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ كَمَا أَفَادَهُ م ر.
قَوْلُهُ: (عَنْ النَّصِّ) هُوَ قَوْلُهُ: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] قَوْلُهُ: (وَلَا يَرِدُ الْمُرْتَدُّ. . . إلَخْ) جَوَابٌ، عَمَّا يُقَالُ: هَلَّا اسْتَثْنَيْت أَيْضًا الْمُرْتَدَّ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا