تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَالِ قَدْ يُخْرِجُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَالْكَلْبِ الْمُقْتَنَى وَالسَّرْجَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرِهِ إلْحَاقُهُ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَهُ دَفْعُ مُسْلِمٍ عَنْ ذِمِّيٍّ وَوَالِدٍ عَنْ وَلَدِهِ وَسَيِّدٍ عَنْ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ لَا رُوحَ فِيهِ لِأَنَّهُ تَجُوزُ إبَاحَتُهُ لِلْغَيْرِ أَمَّا مَا فِيهِ رُوحٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ إذَا قَصَدَ إتْلَافَهُ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ.
وَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ بُضْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إبَاحَتِهِ وَسَوَاءٌ بُضْعُ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ وَمِثْلُ الْبُضْعِ مُقَدِّمَاتُهُ وَعَنْ نَفْسِهِ إذَا قَصَدَهَا كَافِرٌ وَلَوْ مَعْصُومًا إذْ غَيْرُ الْمَعْصُومِ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَالْمَعْصُومُ بَطَلَتْ حُرْمَتُهُ بِصِيَالِهِ وَلِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لِلْكَافِرِ ذُلٌّ فِي الدِّينِ أَوْ قَصَدَهَا بَهِيمَةٌ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ لِاسْتِبْقَاءِ الْآدَمِيِّ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِسْلَامِ لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ عُضْوَهُ وَمَنْفَعَتَهُ كَنَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا قَصَدَهَا مُسْلِمٌ وَلَوْ مَجْنُونًا بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ بَلْ يُسَنُّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد: «كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ» يَعْنِي قَابِيلَ وَهَابِيلَ. وَالدَّفْعُ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا كَالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَيَجِبُ حَيْثُ يَجِبُ وَيَنْتَفِي حَيْثُ يَنْتَفِي وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: «مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ قَادِرٌ أَنْ يَنْصُرَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْهُ وُجُوبُ الْبَدَلِ عَلَى الصَّائِلِ إنْ أَتْلَفَهُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُكْرَهِ وَصَاحِبِ الْمَالِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الظَّاهِرُ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ دَفْعُ مُسْلِمٍ عَنْ ذِمِّيٍّ) ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بَلْ يَجِبُ أَيْ الدَّفْعُ فِي بُضْعٍ وَنَفْسٍ وَلَوْ مَمْلُوكَةً قَصَدَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ مَحْقُونُ الدَّمِ بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مُسْلِمًا غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ فَإِنْ قَصَدَهَا مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْلِمٍ. قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ لَا الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ فَلْيُحَرَّرْ. وَلَكِنْ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ وَيُفَارِقُ الْمُسْلِمُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ لِلْمُسْلِمِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ بِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي نَيْلِ الشَّهَادَةِ دُونَ الذِّمِّيِّ إذْ لَا تَحْصُلُ لَهُ الشَّهَادَةُ فَتَأَمَّلْ.
وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا مِنْ أَنَّ مَنْ قَصَدُوهُ إذَا جُوِّزَ الْأَسْرُ وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ جَازَ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ فَانْظُرْهُ اهـ. سم وَفِي حَاشِيَةِ ز ي أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْمَالِ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالْمَرْهُونِ وَفِي حَاشِيَةِ ح ل. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا، نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ اهـ وَيَجِبُ عَلَى الْوُلَاةِ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَعِبَارَةُ م ر وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ الدَّفْعَ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ. اهـ. م د. قَالَ م ر: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَلِّمَ لِمَنْ صَالَ عَلَيْهَا أَنْ يَزْنِيَ بِهَا مَثَلًا وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَمَّا لَا رُوحَ فِيهِ. . . إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ لِصَغِيرٍ أَوْ يَتِيمٍ وَإِلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ رُوحٌ كَنَفْسٍ وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِلصَّائِلِ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ فَمَنْ رَأَى شَخْصًا يُحْرِقُ مَالَ نَفْسِهِ جَازَ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ أَوْ رَآهُ يُرِيدُ قَتْلَ مَمْلُوكِهِ أَوْ رَآهُ يَزْنِي بِمَمْلُوكِهِ وَجَبَ دَفْعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الرُّوحِ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ وَسَوَاءٌ قَصَدَهُ مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر.
قَوْلُهُ: (عَنْ نَفْسِهِ إذَا قَصَدَهَا كَافِرٌ) مِثْلُهُ الزَّانِي الْمُحْصَنُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدَهَا بَهِيمَةٌ) خَرَجَ مَا لَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا، وَيَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ بِدَفْعِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (بَلْ يُسَنُّ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مِلْكًا تَوَحَّدَ فِي مِلْكِهِ أَوْ عَالِمًا تَوَحَّدَ فِي زَمَانِهِ وَكَانَ فِي بَقَائِهِ
مَصْلَحَةٌ
عَامَّةٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ ز ي.
قَوْلُهُ: (كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ) يَعْنِي هَابِيلَ الَّذِي قَتَلَهُ قَابِيلُ أَيْ وَخَيْرُهُمَا الْمَقْتُولُ لِكَوْنِهِ اسْتَسْلَمَ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ قَتْلٍ يُؤَدِّي إلَى شَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ حَيْثُ يَجِبُ) أَيْ يَجِبُ إذَا قَصَدَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ مَحْقُونُ الدَّمِ وَلَا يَجِبُ إذَا قَصَدَهَا مُسْلِمٌ مَحْقُونُ