للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ إنْ أَمْكَنَ.

فَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِكَلَامٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ حَرُمَ الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ بِسَوْطٍ أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ بِعَصًا أَوْ بِعَصًا حَرُمَ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَسْهَلِ، وَفَائِدَةُ هَذَا التَّرْتِيبِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّرْتِيبِ مَا لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ.

وَمَا لَوْ كَانَ الصَّائِلُ يَنْدَفِعُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْمَصُولُ عَلَيْهِ لَا يَجِدُ إلَّا السَّيْفَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الضَّرْبَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إلَّا بِهِ وَلَيْسَ بِمُقَصِّرٍ فِي تَرْكِ اسْتِصْحَابِ السَّوْطِ وَنَحْوِهِ. وَعَلَى التَّرْتِيبِ إنْ أَمْكَنَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ هَرَبٌ أَوْ الْتِجَاءٌ لِحِصْنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالْأَهْوَنِ فَالْأَهْوَنِ وَمَا ذَكَرَهُ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى الْأَشَدِّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ بِقَوْلِهِ: (وَعَلَى رَاكِبِ) الدَّابَّةِ وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الدَّمِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ) وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ عَدَمَ الصِّيَالِ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى صِيَالِهِ كَهُجُومٍ بِنَحْوِ سَيْفٍ وَضَعْفِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (بِالْأَخَفِّ) إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعْصُومٍ وَقَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ فَلَوْ خَافَ أَنْ يَنَالَ مِنْهُ الصَّائِلُ مَا يَضُرُّهُ لَوْ ارْتَكَبَ التَّدْرِيجَ، فَلَهُ تَرْكُهُ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِكَلَامٍ) فِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْهَرَبِ فَبِالزَّجْرِ فَالِاسْتِغَاثَةِ فَالضَّرْبِ بِالْيَدِ فَبِالسَّوْطِ فَبِالْعَصَا فَالْقَطْعِ فَالْقَتْلِ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الزَّجْرِ وَالِاسْتِغَاثَةِ ح ل. وَمَحِلُّ الْهَرَبِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الْهَرَبَ يُنْجِيهِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا هَرَبَ طَمِعَ فِيهِ؛ وَتَبِعَهُ، جَازَ الْقَتْلُ ابْتِدَاءً وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ دَفْعًا ضَمِنَ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ، إذَا صَالَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَفِي حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْفَحْلِ تَرَدُّدٌ أَيْ وَجْهَانِ وَجْهٌ مَنَعَ الْحِلَّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ وَالْأَكْلَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. اهـ. رَوْضٌ وَشَرْحُهُ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِكَفِّ شَرِّهِ عَنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِهَلَاكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْهَلَاكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالسِّحْرِ وَكَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ يَعْرِفُ مَا يَمْنَعُ الصَّائِلَ عَنْ صِيَالِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) وَلَوْ بِالْقِصَاصِ أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْقِصَاصِ بِأَنْ دَفَعَهُ، بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ شَرْحُ شَيْخِنَا. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الزَّجْرِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُرْمَةُ إذْ لَا ضَمَانَ فِيهِمَا وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّا فِيهِ التَّرْتِيبُ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَصُولَ عَلَيْهِ خَلَاصُ نَفْسِهِ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْمُقَاتَلَةُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الدَّافِعُ وَعِبَارَةُ ز ي وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفْعٍ لَهُ لِعُسْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (أَنَّ لَهُ الضَّرْبَ بِهِ) ثُمَّ يُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ يُرَتِّبُ فَيَضْرِبُ أَوَّلًا بِعَرْضِهِ، ثُمَّ بِظَهْرِهِ ثُمَّ بِحَدِّهِ بَلْ أَطْلَقَهُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِالْأَخَصِّ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى رَاكِبِ الدَّابَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى قَالَ سم: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ تَضْمِينُ الرَّاكِبِ وَإِنْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ أَعْمَى مَعَهُ بَصِيرٌ يَقُودُهُ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ غَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. اهـ. م د وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ مَعَهُ قَائِدٌ وَسَائِقٌ إلَّا إذَا كَانَ بَصِيرًا مُمَيِّزًا وَكَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ صَحِبَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ اسْتَوَيَا فِي الضَّمَانِ أَوْ رَاكِبٌ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الرَّاكِبُ فَقَطْ اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُ عَلَيْهَا أَقْوَى وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَرْكَبُ الْآنَ مَعَ الْمُكَارِي م ر سم وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيَاسُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْمَى عَلَى قَائِدِ الدَّابَّةِ إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ. أَيْ الْقَائِدِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَلَوْ رَكِبَهَا اثْنَانِ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش: وَيُؤْخَذُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>