للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكًا أَمْ مُسْتَأْجِرًا أَمْ مُودِعًا أَمْ مُسْتَعِيرًا أَمْ غَاصِبًا. (ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ دَابَّتُهُ) أَيْ الَّتِي يَدُهُ عَلَيْهَا بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ نَفْسًا وَمَالًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهَا كَانَ فِعْلُهَا مَنْسُوبًا إلَيْهِ. وَإِلَّا نُسِبَ إلَيْهَا كَالْكَلْبِ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ وَقَتَلَ الصَّيْدَ حَلَّ وَإِنْ اُسْتُرْسِلَ بِنَفْسِهِ فَلَا فَجِنَايَتُهَا كَجِنَايَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ مَعَ رَاكِبٍ فَهَلْ يَخْتَصُّ الضَّمَانُ بِالرَّاكِبِ أَوْ يَجِبُ أَثْلَاثًا؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ دُونَ الرَّدِيفِ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا كَمَرِيضٍ وَصَغِيرٍ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِالرَّدِيفِ اهـ بِحُرُوفِهِ. فَلَوْ كَانَا فِي جَانِبِهَا ضَمِنَا فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا وَاحِدٌ عَلَى الْقَتَبِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَمَا قَالَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَقِيلَ: عَلَيْهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ سم وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ يَضْبِطُهَا وَلَكِنْ غَلَبَتْهُ بِفَزَعٍ مِنْ شَيْءٍ مَثَلًا وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ قَالَهُ سم. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَدَ مَوْجُودَةٌ حَالَ الْفَزَعِ كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ قَطْعِ اللِّجَامِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْيَدُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْفَزَعِ إلَّا أَنَّ فِعْلَهَا لَمْ يُنْسَبْ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ إلَى تَقْصِيرٍ مَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ هَاجَتْ الرِّيَاحُ بَعْدَ إحْكَامِ مَلَّاحِ السَّفِينَةِ آلَاتِهَا وَقَدْ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِ الْمَلَّاحِ بِخِلَافِ قَطْعِ اللِّجَامِ فَإِنَّ الرَّاكِبَ مَنْسُوبٌ فِيهِ لِتَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الدَّابَّةِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إحْكَامِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ ق ل وَلَوْ غَلَبَتْ رَاكِبَهَا وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِرُكُوبِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهِ. وَشَأْنُهُ أَنْ يَضْبِطَ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ السَّفِينَةَ وَخَرَجَ بِغَلَبَتِهَا لَهُ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ اهـ قَوْلُهُ: (وَسَائِقُهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ صَحِبَ دَابَّةً اهـ قَوْلُهُ: صَحِبَ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَمَا فِي م ر أَيْ صَحِبَهَا فِي الطَّرِيقِ فَيَخْرُجُ مَا إذَا صَحِبَهَا فِي مَسْكَنِهِ فَدَخَلَ فِيهِ إنْسَانٌ فَرَمَحَتْهُ أَوْ عَضَّتْهُ فَلَا ضَمَانَ إنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَعْلَمَهُ كَمَا قَالَهُ س ل قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُرَادُ بِالْمُصَاحَبَةِ الْمُصَاحَبَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ رَعَى الْبَقَرَ فِي الصَّحْرَاءِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ مُصَاحِبًا.

قَوْلُهُ: (أَمْ مُسْتَأْجِرًا) أَوْ قِنًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمْ لَا وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَلُقَطَةٍ أَقَرَّهَا مَالِكُهُ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَبَقِيَّةُ أَمْوَالِ السَّيِّدِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِيَدِهِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَدَعْوَى أَنَّ الْقِنَّ لَا يَدَ لَهُ مَمْنُوعَةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةَ لِمِلْكٍ بَلْ الْمُقْتَضِيَةَ لِلضَّمَانِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَهُ يَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى شَرْحُ م ر اهـ.

قَوْلُهُ: (أَمْ غَاصِبًا) قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا الْمُكْرَهُ لَكِنْ قُرِّرَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر شَمِلَ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيَضْمَنُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَهَهُ عَلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ حَيْثُ قِيلَ: فِيهِ إنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ: (ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ) وَكَذَا مَا أَتْلَفَهُ وَلَدُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ يَدًا. قَوْلُهُ: (أَيْ الَّتِي يَدُهُ عَلَيْهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَزِقَّةِ مِصْرَ مِنْ دُخُولِ الْجِمَالِ مَثَلًا بِالْأَحْمَالِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَضْطَرُّونَ الْمُشَاةَ أَوْ غَيْرَهُمْ فَيَقَعُ الْمُضْطَرُّ فَيَتْلَفُ مَتَاعُهُ فَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْجِمَالِ وَإِنْ كَثُرُوا؛ لِأَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَزْحُومُ الْجَمَلَ بِحِمْلِهِ مَثَلًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ لَا عَلَى مَنْ مَعَهُ الدَّابَّةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (نَفْسًا وَمَالًا) فَضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَضَمَانُ الْمَالِ عَلَيْهِ ز ي.

قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ) التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا قَصَّرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ بِوَضْعِهِ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا كَالْكَلْبِ الْغَيْرِ الْمُرْسَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَعَهَا كَالْكَلْبِ الَّذِي أَغْرَاهُ صَاحِبُهُ. اهـ. م د. وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَصَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّارِعِ وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا، بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْحَضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (كَجِنَايَتِهِ) أَيْ جِنَايَةِ الْكَلْبِ فِي أَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي الضَّمَانِ إذَا كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا دُونَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِإِرْسَالِهَا وَحْدَهَا كَمَا يَأْتِي كَمَا أَنَّ جِنَايَةَ الْكَلْبِ بِاصْطِيَادِهِ تُؤَثِّرُ فِي الْحِلِّ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ دُونَ مَا إذَا لَمْ يُرْسِلْهُ فَإِرْسَالُهُ بِمَنْزِلَةِ مُصَاحَبَةِ مَالِكِ الدَّابَّةِ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>