الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُمَا. تَنْبِيهٌ: حَيْثُ أُطْلِقَ ضَمَانُ النَّفْسِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ صُوَرٌ الْأُولَى: لَوْ أَرْكَبَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. الثَّانِيَةُ لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ فَنَخَسَهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا قَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ. فَرَمَحَتْ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ فَإِنْ أَذِنَ الرَّاكِبُ فِي النَّخْسِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، الثَّالِثَةُ لَوْ غَلَبَتْهُ دَابَّتُهُ فَاسْتَقْبَلَهَا إنْسَانٌ فَرَدَّهَا فَأَتْلَفَتْ فِي انْصِرَافِهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ الرَّادُّ. الرَّابِعَةُ: لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً فَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْهُ. وَكَذَا لَوْ سَقَطَ هُوَ مَيِّتًا عَلَى شَيْءٍ وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِسُقُوطِهَا مَيِّتَةً سُقُوطُهَا بِمَرَضٍ أَوْ عَارِضِ رِيحٍ شَدِيدٍ وَنَحْوِهِ.
الْخَامِسَةُ لَوْ كَانَ مَعَ الدَّوَابِّ رَاعٍ فَهَاجَتْ رِيحٌ وَأَظْلَمَ النَّهَارُ فَتَفَرَّقَتْ الدَّوَابُّ فَوَقَعَتْ فِي زَرْعٍ فَأَفْسَدَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي الْأَظْهَرِ لِلْغَلَبَةِ كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ الْغَنَمُ لِنَوْمِهِ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ فَتَكَسَّرَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْهُ، بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ لِأَنَّ لَهُ فِعْلًا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ وَلَوْ بَالَتْ دَابَّتُهُ أَوْ رَاثَتْ بِمُثَلَّثَةٍ بِطَرِيقٍ وَلَوْ وَاقِفَةً فَتَلِفَتْ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، كَأَصْلِهِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَخْلُو عَنْ ذَلِكَ، وَالْمَنْعَ مِنْ الطُّرُوقِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا أَتْلَفَتْهُ دَابَّتُهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ فِيهِ، فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَ الْمَالَ بِطَرِيقٍ أَوْ عَرَضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا بِخِلَافِهِ نَهَارًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ) مُعْتَمَدٌ؛ لِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُ عَلَيْهَا أَقْوَى.
قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا أَوْ أَعْمَى قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: جَزَمَ بِهِ م ر وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا بِحَيْثُ يُقْضَى لَهُمَا بِهَا فِيمَا لَوْ تَنَازَعَاهَا إلَّا أَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ لِلْمُقَدَّمِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُتَقَدَّمُ لَا أَثَرَ لَهُ بِحَيْثُ كَانَ سَيْرُهَا مَنْسُوبًا لِلْمُؤَخَّرِ فَقَطْ كَأَنْ رَكِبَهَا إنْسَانٌ وَاحْتَضَنَ مَرِيضًا لَا حَرَكَةَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ الْمُؤَخَّرَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَعَلَى رَاكِبِ الدَّابَّةِ. . . إلَخْ. وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الضَّمَانُ عَلَى غَيْرِ رَاكِبِ الدَّابَّةِ فِي بَعْضِهَا لَا ضَمَانَ أَصْلًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ يَنْتَفِي الضَّمَانُ بِالْمَرَّةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاكِبِ أَعَمُّ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ بِالْمَرَّةِ أَوْ وُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِ الرَّاكِبِ وَقَوْلُهُ: صُوَرٌ أَيْ خَمْسَةٌ.
قَوْلُهُ: (صَبِيًّا) مَفْعُولٌ لِأَرْكَبَهَا.
قَوْلُهُ: (فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُمَا يَضْبِطُ الدَّابَّةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لَا يَضْبِطُهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ع ش قَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ أَرْكَبَهَا الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ لِمَصْلَحَتِهِ وَكَانَ مِمَّنْ يَضْبِطُهَا ضَمِنَ الصَّبِيُّ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَلِيُّ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (فَرَمَحَتْ) أَيْ رَفَصَتْ.
قَوْلُهُ: (عَلَى النَّاخِسِ) وَلَوْ رَقِيقًا قَالَ ع ش عَلَى م ر: أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الرَّادُّ) مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاكِبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا وَمَا لَمْ يَخَفْ أَيْ الرَّادُّ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مِنْهَا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُنْسَبَ رَدُّهَا إلَيْهِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ فَإِنْ رَجَعَتْ فَزَعًا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ اهـ م د. وَقَوْلُهُ: ضَمِنَهُ الرَّادُّ اُنْظُرْ إلَى مَتَى يَسْتَمِرُّ ضَمَانُهُ وَلَعَلَّهُ مَا دَامَ سَيْرُهَا مَنْسُوبًا لِذَلِكَ الرَّادِّ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ.
قَوْلُهُ: (سُقُوطُهَا بِمَرَضٍ) يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر. أَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِيهِمَا بَلْ الْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ وَعِبَارَةُ م ر. وَإِلْحَاقُ الزَّرْكَشِيّ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ سُقُوطَهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ فِيهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ. اهـ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ ح ل وَنَصُّهُ وَلَوْ سَقَطَتْ مَيْتَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَتْ لِمَرَضٍ أَوْ رِيحٍ؛ لِأَنَّ لِلْحَيِّ فِعْلًا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَعَلَى رَاكِبِ الدَّابَّةِ. . . إلَخْ الْمُرَادُ مِنْهُ مَنْ صَحِبَهَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ وَحْدَهَا وَعِبَارَةُ سم. وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَإِنْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا وَحْدَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ) أَيْ إنْ قَصَّرَ صَاحِبُهَا فِي إرْسَالِهَا لَيْلًا، وَأَمَّا إذَا فَتَحَتْ الْبَابَ وَحْدَهَا أَوْ قَطَعَتْ الْحَبْلَ