للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاخْتِيَارِهِ فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ. وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَيُرَدُّ لَهُمْ بَعْدَ أَمْنِ شَرِّهِمْ بِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ مِنْ سِلَاحٍ وَخَيْلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ سِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا إذَا خِفْنَا انْهِزَامَ أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَمْ نَجِدْ غَيْرَ خُيُولِهِمْ فَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْعَدْلِ رُكُوبُهَا

وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كَثُرُوا وَأَحَاطُوا بِنَا فَيُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ، وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ.

وَلَا يَجُوزُ إحْصَارُهُمْ بِمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ إلَّا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِي أَهْلِ قَلْعَةٍ وَلَا يَجُوزُ عَقْرُ خُيُولِهِمْ إلَّا إذَا قَاتَلُوا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيَتَفَرَّقُ جَمْعُهُمْ) أَيْ تَفَرُّقًا لَا عَوْدَ بَعْدَهُ ق ل قَوْلُهُ: (فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَسِيرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا وَلَمْ يُقَاتِلْ أُطْلِقَ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَأَطَاعَ بِاخْتِيَارِهِ أُطْلِقَ، وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ وَإِلَّا أُطْلِقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَتَفَرُّقِ جَمْعِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَهَذَا التَّقْيِيدُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ يُوهِمُ رُجُوعَهُ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ مَنَعَةٌ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ قِنًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ تَفَرُّقًا لَا يُتَوَقَّعُ جَمْعُهُمْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ. . . إلَخْ ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنْ يُطِيعَ الْحُرُّ الْكَامِلُ الْإِمَامَ بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيُطْلَقُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ لِأَمْنِ ضَرَرِهِ. قَوْلُهُ: (مَا أُخِذَ مِنْهُمْ) نَائِبُ فَاعِلِ يُرَدُّ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ. . . إلَخْ) أَيْ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهُ وَلَوْ لِضَرُورَةِ الْقِتَالِ لِأَجْلِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لِعَدَمِ وُجُودِ وَضْعِ يَدٍ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ إتْلَافِهِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ مِنْ مَلْبُوسِهِمْ وَأَوَانِيهمْ. قَوْلُهُ: (لِضَرُورَةٍ) أَيْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ اهـ ز ي وَهَلْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَوْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ

لِمَصْلَحَةِ

الْمُسْلِمِينَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ خُيُولِهِمْ) وَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُضْطَرَّ قِيمَةُ طَعَامِ غَيْرِهِ إذَا أَتْلَفَهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر ز ي.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ) وَكَذَا يَحْرُمُ جَعْلُهُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. أَقُولُ: وَكَذَا يَحْرُمُ نَصْبُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ نَعَمْ إنْ اقْتَضَتْ

الْمَصْلَحَةُ

تَوْلِيَتَهُ شَيْئًا لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ظَهَرَ مِمَّنْ يَقُومُ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خِيَانَةٌ وَأُمِنَتْ فِي ذِمِّيٍّ وَلَوْ لِخَوْفِهِ مِنْ الْحَاكِمِ مَثَلًا فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ تَوْلِيَتِهِ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُنَصِّبُهُ مُرَاقَبَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِيهِ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ: نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بِهِ أَعْنِي بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ أَعْنِي فِيمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ جَرَاءَةً وَحُسْنَ إقْدَامٍ. وَأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ مَنْعِهِمْ لَوْ اتَّبَعُوا أَهْلَ الْبَغْيِ بَعْدَ هَزِيمَتِهِمْ فَتَأَمَّلْ م د. وَقَوْلُهُ: جَرَاءَةً بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَفِعْلُهُ جَرُؤَ بِضَمِّ الرَّاءِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَعُولَةٌ فَعَالَةٌ لِفَعُلَا

كَسَهُلَ الْأَمْرُ وَزَيْدٌ جَزُلَا

قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ) اُسْتُشْكِلَ بِجَوَازِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ لِلْحَنَفِيِّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَعَانَ بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ لَهُ يَنْفَرِدُ بِرَأْيِهِ وَهُنَاكَ أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا تَحْتَ يَدِ الْإِمَامِ وَرَأْيِهِ فَفِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ قَتْلُهُ مُدْبِرِينَ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ) أَيْ إمَامُ الْجَيْشِ وَهَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ وَقَوْلُهُ: إبْقَاءً عَلَيْهِمْ أَيْ إبْقَاءً لِلْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَعْنَى إبْقَاءً شَفَقَةٌ عَلَيْهِمْ. أَوْ بِجَعْلِ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَلَا تَأْوِيلَ. وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ وَعِبَارَةُ ق ل. إبْقَاءً عَلَيْهِمْ أَيْ لَهُمْ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (إلَّا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>