للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا وَلَا قَطْعُ أَشْجَارِهِمْ أَوْ زُرُوعِهِمْ وَيَلْزَمُ الْوَاحِدَ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ مُصَابَرَةُ اثْنَيْنِ مِنْ الْبُغَاةِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَصْبِرَ لِكَافِرَيْنِ فَلَا يُوَلِّي إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ لِلْعَادِلِ أَنْ يَعْمِدَ إلَى قَتْلِ ذِي رَحِمِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ.

وَحُكْمُ دَارِ الْبَغْيِ كَحُكْمِ دَارِ الْإِسْلَامِ. فَإِذَا جَرَى فِيهَا مَا يُوجِبُ إقَامَةَ حَدٍّ أَقَامَهُ الْإِمَامُ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا، وَلَوْ سَبَى الْمُشْرِكُونَ طَائِفَةً مِنْ الْبُغَاةِ وَقَدَرَ أَهْلُ الْعَدْلِ عَلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ لَزِمَهُمْ ذَلِكَ.

تَتِمَّةٌ: فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. كَالْقَضَاءِ فَشُرِطَ لِإِمَامٍ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ قُرَشِيًّا لِخَبَرِ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» شُجَاعًا لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَتُعْتَبَرُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إمَامِ الْحَرَمَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي أَهْلِ قَلْعَةٍ) أَيْ لَا فِي إقْلِيمٍ فَلَا يَجُوزُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ عَقْرُ خُيُولِهِمْ) ثُمَّ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ أَوْ فِيهِ لَا لِضَرُورَةٍ ضَمِنُوا مَا لَمْ يَقْصِدُوا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِتَالِ لِضَرُورَتِهِ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا أَوْ عَكْسُهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ، هَدَرٌ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْحَرْبِ فَلَا نَضْمَنُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ فِيهَا لَا لِضَرُورَتِهَا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِتْلَافَاتِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. بِمَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ لَا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَقْرِ دَوَابِّهِمْ، إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا إذَا جَوَّزْنَا إتْلَافَ أَمْوَالِهِمْ خَارِجَ الْحَرْبِ لِإِضْعَافِهِمْ فَهَذَا أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا) أَيْ فَيَجُوزُ وَلَا ضَمَانَ إنْ كَانَ لِضَرُورَةِ الْقِتَالِ أَوْ لِقَصْدِ هَزِيمَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُوَلِّي) أَيْ الْمُسْلِمُ.

قَوْلُهُ: (إقَامَةَ) جَوَابُ إذَا

قَوْلُهُ: (فِي شُرُوطِ. . . إلَخْ) عَقَّبَ الْبُغَاةَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ هُوَ الْخُرُوجُ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي إقَامَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْإِمَامِ الْخَلِيفَةُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقَالُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلَا خَلِيفَةُ اللَّهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. اهـ. ز ي. وَعَلَّلُوهُ: بِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ يَغِيبُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ: لَسْت بِخَلِيفَةِ اللَّهِ بَلْ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ} [فاطر: ٣٩] اهـ. وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ أَيْضًا إلَّا الْفِسْقَ وَزَوَالَ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَإِلَّا إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُتَقَطِّعًا وَزَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَغْلَبَ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (فَشَرْطُ الْإِمَامِ) وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ الْفِسْقِ أَوْ الْجُنُونِ إذَا كَانَتْ الْإِفَاقَةُ أَكْثَرَ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا حُرًّا عَدْلًا ذَا رَأْيٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ وَهَذَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى تَوْلِيَةِ فَاسِقٍ جَازَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْوَصَايَا وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: إذَا تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فِسْقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ النَّاسِ فَوْضَى أَيْ لَا إمَامَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَيْ لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ: بَالِغًا أَيْ لِيَلِيَ أَمْرَ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لِأَنَّ غَيْرَهُ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ وَحِجْرِهِ فَكَيْفَ يَلِي أَمْرَ الْأُمَّةِ وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ «تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ إمَارَةِ الصَّبِيَّانِ» وَقَوْلُهُ: حُرًّا أَيْ لِيَكْمُلَ وَيُهَابَ وَيَتَفَرَّغَ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَثِّ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ أَوْ عَلَى الْمُتَغَلِّبِ الْآتِي اهـ ز ي مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ق ل. وَقَوْلُهُ: مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ ضَبَطَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَمَعْنَاهُ عَلَى كِلَيْهِمَا مُقَطَّعُ الْأَطْرَافِ. قَوْلُهُ: (شُجَاعًا) بِتَثْلِيثِ الشِّينِ قَامُوسٌ (ع ش) .

قَوْلُهُ: (اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ) بِأَنْ تَكُونَ الْحَرَكَةُ ضَعِيفَةً وَهَذَا غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>