مِنْ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهَا أَوْ زَادَ فِيهِ آيَةً مُعْتَقِدًا أَنَّهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِسُنَّةٍ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً وَقَصَدَ الِاسْتِهْزَاءَ بِذَلِكَ. أَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَذَا مَا فَعَلْته. أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي النَّبِيُّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ. أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ احْتِقَارًا أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوَّلَ: لَا حَوْلَ لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ: هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ الظَّالِمُ: أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ أَوْ أَشَارَ بِالْكُفْرِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبَهُ مِنْهُ أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْمُكَفِّرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَالظُّلْمِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَأَنْ نَفَى رَكْعَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (أَوْ سَبَّهُ) أَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتَخَفَّ) أَيْ تَهَاوَنَ بِهِ أَوْ بِاسْمِهِ كَأَنْ أَلْقَاهُ فِي قَاذُورَةٍ أَوْ صَغَّرَهُ. بِأَنْ قَالَ مُحَيْمَدٌ قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَكَذَلِكَ قَذْفُ عَائِشَةَ وَإِنْكَارُ صُحْبَةِ أَبِيهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كَأَنْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ: اصْبِرْ سَاعَةً. اهـ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ قَذْفُ عَائِشَةَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَكْفُرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ.
فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَاءَهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الشَّهَادَتَيْنِ هَلْ يُجِيبُهُ أَوْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ. وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ رَضِيَ بِالْكُفْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي طَلَبِ التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهَا) كَبَسْمَلَةِ النَّمْلِ الَّتِي فِي وَسَطِهَا أَمَّا بَسْمَلَةُ الْفَاتِحَةِ فَلَا يَكْفُرُ مَنْ نَفَاهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْأَعْجَمِيَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مَتْنِ الْأَنْوَارِ مَا نَصُّهُ لَوْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّحَابَةِ كَفَرَ.
وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَكْفُرْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى صَحَابَةٍ غَيْرِهِ وَالنَّصُّ وَارِدٌ شَائِعٌ. قُلْت: وَأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّ صَحَابَتَهُمْ يَعْرِفُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَافِي صَحَابَةِ أَحَدِهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ بِحُرُوفِهِ. وَأَقُولُ: إنَّمَا نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لِثُبُوتِ صُحْبَتِهِ بِالْقُرْآنِ وَسُكُوتِهِمْ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ اللُّحُوقَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَصُحْبَةُ عُمَرَ كَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ أج. قَوْلُهُ: (قَلِّمْ أَظْفَارَك) أَوْ قُصَّ شَارِبَك.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَذَا مَا فَعَلْته) أَيْ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ مَا قَبِلْته مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ) . أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (صِدْقًا) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ اسْمُهَا مُؤَخَّرًا لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ نَكِرَةٌ وَالْخَبَرُ مَعْرِفَةٌ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (إنْسِيٌّ) أَيْ أَهُوَ إنْسِيٌّ. . . إلَخْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَدْرِيَ.
قَوْلُهُ: (لِمَنْ حَوَّلَ) . صَوَابُهُ حَوْقَلَ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ) أَيْ الشَّهَادَتَيْنِ طَالِبَهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي التَّأْخِيرِ إلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ وَلَمْ يَخْشَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ إنْ احْتَاجَ إلَى خِطَابِهِ بِنَحْوِ قُلْ وَإِلَّا بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَقَصَدَ الذِّكْرَ فَلَا بُطْلَانَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْمُكَفِّرِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لِلْكُفْرِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَخَرَجَ إنْكَارُ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ق ل وَلَوْ تَمَنَّى شَخْصٌ أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يُحَرِّمَ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَا يَكْفُرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الظُّلْمَ وَالزِّنَا وَقَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ.
وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَانٍ فَتَمَنَّى حِلَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَخِ لِأُخْتِهِ كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنِ آدَمَ. اهـ. حِصْنِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) لَوْ أَسْقَطَ وُجُوبَ كَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ الرَّاتِبَةَ وَنَحْوَهَا طَبَلَاوِيٌّ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتَقَدَ. . . إلَخْ) . كَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ