للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِجْمَاعِ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ حَالًا كَفَرَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا بَابٌ لَا سَاحِلَ لَهُ، وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ صَاحِبُهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ: كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ بِقَاذُورَةٍ، وَسُجُودٍ لِمَخْلُوقٍ كَصَنَمٍ وَشَمْسٍ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: قَطْعُ مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفِعْلِ الْآتِي إذْ هُوَ مِنْ الْفِعْلِ الْقَلْبِيِّ وَلَيْسَ بِنِيَّةٍ إذْ النِّيَّةُ الْقَصْدُ وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: (كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ) أَيْ أَوْ سَجْدَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ الْكُفْرِ أَيْ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَإِنَّمَا كَانَ مُكَفِّرًا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ وَالتَّرَدُّدَ يُنَافِيهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. فَإِنْ قُلْت التَّرَدُّدُ مِنْ أَيِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ. قُلْت: مِنْ قِسْمِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْبِيَّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَالَ م د: وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلتَّرَدُّدِ فِي إيجَادِ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَيْضًا كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَعِبَارَتُهُ كَنَفْيِ الصَّانِعِ أَوْ نَفْيِ نَبِيٍّ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ جَحْدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً بِلَا عُذْرٍ أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ. اهـ فَقَوْلُهُ: أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ إذْ لَوْ عَطَفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ. فِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ: أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (حَالًّا) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالْأَصْلُ فَيَكْفُرُ حَالًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَرَدَّدَ أَيْ تَرَدَّدَ فِي الْكُفْرِ حَالًا أَوْ غَدًا فَيَكْفُرُ حَالًا وَعِبَارَةُ س ل. أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَيْ حَالًا بِطَرَيَانِ شَكٍّ يُنَاقِضُ جَزْمَ النِّيَّةِ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يُنَاقِضْ الْجَزْمَ كَاَلَّذِي يَجْرِي فِي الْفِكْرِ فَهُوَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوَسُ. اهـ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ حَالًا أَوْ قَالَ: تَوَفَّنِي إنْ شِئْت مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ قَالَ: أَخَذْت مَالِي وَوَلَدِي فَمَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ أَوْ أَنْكَرَ مَكَّةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ. نَعَمْ لَا كُفْرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ جَاهِلٍ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَيْ فِي الْآخِرَةِ بِخِلَافِهِ فِي الدُّنْيَا اهـ لَا إنْ أَنْكَرَ الصِّرَاطَ أَوْ الْمِيزَانَ مِمَّا تَقُولُ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ رَشِيدِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا بَابٌ لَا سَاحِلَ لَهُ) أَيْ لِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِ وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ الْبَابَ بِالْبَحْرِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَقَوْلُهُ: لَا سَاحِلَ لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخَيُّلِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ: بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ.

قَوْلُهُ: (صَرِيحًا) صِفَةٌ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ: بِالدِّينِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِهْزَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ جُحُودًا عَطْفٌ عَلَى اسْتِهْزَاءٍ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ إنْ كَانَ رَاجِعًا لِلْفِعْلِ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُكَفِّرَ حَالَةَ كَوْنِهِ جَاحِدًا لِلْفِعْلِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُتَأَمَّلُ مَعْنَى ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلدِّينِ، وَالْمَعْنَى فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُكَفِّرَ حَالَةَ كَوْنِهِ جَاحِدًا لِلدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي يَقْتَضِي عَدَمَ هَذَا الْفِعْلِ الْمُكَفِّرِ.

قَوْلُهُ: (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ مِنْ الْحَدِيثِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَالْإِلْقَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُمَاسَّتِهِ بِقَذِرٍ وَلَوْ طَاهِرًا وَالْحَدِيثُ فِي كَلَامِهِ شَامِلٌ لِلضَّعِيفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ق ل كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَزْمِ بِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَضْعَ رِجْلِهِ عَلَيْهِ وَنُوزِعَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بِقَاذُورَةٍ) أَيْ قَذَرٍ وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ وَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ لَا لِخَوْفِ أَخْذِ نَحْوِ كَافِرٍ لَهُ وَإِنْ حَرُمَ وَكَإِلْقَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْقَذَرِ إلْقَاءُ الْقَذَرِ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِهَانَةِ وَإِلَّا فَلَا.

وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَسْحِ الْقُرْآنِ مِنْ لَوْحِ الْمُتَعَلِّمِ بِالْبُصَاقِ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحِلِّهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ إنْ بَصَقَ عَلَى الْقُرْآنِ ثُمَّ مَسَحَهُ وَبِحِلِّهِ إنْ بَصَقَ عَلَى نَحْوِ خِرْقَةٍ ثُمَّ مَسَحَ بِهَا قَالَهُ سم قَالَ: ع ش عَلَى م ر وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ. إذْ لَيْسَ فِيهِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوِهِ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهَلْ ضَرْبُ الْفَقِيهِ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ كُفْرٌ أَوْ لَا، وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ اهـ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا. وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>