للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدًا وَرِجْلًا فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنْ صَفِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَتَلَ كَافِرًا نَائِمًا أَوْ أَسِيرًا أَوْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ فَلَا سَلَبَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْخَطَرِ وَالتَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هَاهُنَا.

وَالسَّلَبُ ثِيَابُ الْقَتِيلِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالْخُفُّ وَآلَةُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ وَسِلَاحٍ وَمَرْكُوبٍ وَآلَتُهُ نَحْوُ سَرْجٍ وَلِجَامٍ وَكَذَا سِوَارٌ وَمِنْطَقَةٌ وَخَاتَمٌ وَنَفَقَةٌ مَعَهُ وَكَذَا جَنِيبَةٌ تُقَادُ مَعَهُ فِي الْأَظْهَرِ لَا حَقِيبَةٌ وَهِيَ وِعَاءٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْمَتَاعُ وَيُجْعَلُ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ مَشْدُودَةٌ عَلَى الْفَرَسِ فَلَا يَأْخُذُهَا وَلَا مَا فِيهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَمْتِعَةِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَا مِنْ حِلْيَتِهِ وَلَا مِنْ حِلْيَةِ فَرَسِهِ. وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ لِلْقَاتِلِ وَبَعْدَ السَّلَبِ تَخْرُجُ مُؤْنَةُ الْحِفْظِ، وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُؤَنِ اللَّازِمَةِ كَأُجْرَةِ جَمَّالٍ وَرَاعٍ.

(وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ) وُجُوبًا (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ إعْطَاءِ السَّلَبِ وَإِخْرَاجِ الْمُؤَنِ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ مُتَسَاوِيَةٍ. (فَيُعْطَى أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ (لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ) بِنِيَّةِ الْقِتَالِ، وَهُمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَالْإِرْثِ فَلَا يَصِحُّ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (بِرُكُوبِ غَرَرٍ) الْمُرَادُ أَنْ يَرْتَكِبَ الْمُخَاطَرَةَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِهِ قَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ) أَيْ قُوَّتَهُ بِأَنْ يُزِيلَ قُوَّتَهُ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقَتْلَ أَوْ لَازِمٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَفْقَأَ) الْمُرَادُ بِفَقْئِهِمَا إزَالَةُ ضَوْئِهِمَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَأَنْ يُعْمِيَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ بِعَيْنٍ.

قَوْلُهُ: (يَدًا وَرِجْلًا) فَلَوْ قَطَعَ يَدًا وَالْآخَرُ رِجْلًا بَعْدَهُ، فَهَلْ يَكُونُ السَّلَبُ لَهُمَا أَوْ لِلثَّانِي فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَزَالَ مَنَعَتَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَا مَعًا فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ رَمَى إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بِرُكُوبِ غَرَرٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُخَاطَرَةُ بِنَفْسِهِ وَارْتِكَابُ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حِصْنٍ) أَيْ وَهُوَ فِي حِصْنٍ أَيْ فَلَوْ رَمَى الْكَافِرَ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّامِيَ فِي حِصْنٍ أَوْ فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ فَلَا سَلَبَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ الْغَرَرَ بِهُجُومِهِ عَلَى الْكَافِرِ وَإِزَالَةِ مَنَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي عَلَيْهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ مِثْلَهَا الثِّيَابُ الَّتِي خَلَعَهَا وَقَاتَلَ عُرْيَانًا فِي بَحْرٍ أَوْ نَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا سِوَارٌ) بِأَنْ كَانَ الْقَاتِلُ امْرَأَةً كَمَا قَالَهُ الْمَيْدَانِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَرْبِيِّ وَالصَّوَابُ أَنْ يُصَوِّرَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ امْرَأَةً مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِأَنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ.

قَوْلُهُ: (جَنِيبَةٌ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْجَنِيبَةُ فَرَسٌ تُقَادُ وَلَا تُرْكَبُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ يُقَالُ جَنَّبْته أُجَنِّبُهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا قُدْته إلَى جَنْبِك.

قَوْلُهُ: (لَا حَقِيبَةٌ) وَلَا وَلَدُ مَرْكُوبِهِ التَّابِعُ لَهُ سم. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْحَقِيبَةُ الْعَجِيزَةُ وَهِيَ مُؤَخَّرُ الرَّحْلِ ثُمَّ سُمِّيَ مَا يُحْمَلُ فِي الْخُرْجِ مَثَلًا خَلْفَ الرَّاكِبِ حَقِيبَةً مَجَازًا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَجُزِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ وَصَارَ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً فِيهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ وَهِيَ وِعَاءٌ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَشْدُودَةٌ وَالْمَوْصُوفُ وَهُوَ حَقِيبَةٌ لِبَيَانِ أَصْلِ مَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (حَقْوِ الْبَعِيرِ) أَيْ عَجُزِهِ.

قَوْلُهُ: (مَشْدُودَةٌ عَلَى الْفَرَسِ) فَاسْتِعْمَالُهَا فِيهَا مَجَازٌ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ أَصْلَهَا الْمَشْدُودَةُ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ أَيْ عَجُزِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيبَةِ سِلَاحٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْقِتَالِ اسْتَحَقَّهُ الْقَاتِلُ بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ لِيَحْكِيَ الْخِلَافَ فِيهِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْقَاتِلِ وَخَمْسَةٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ.

قَوْلُهُ: (خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: خَمْسَةَ أَقْسَامٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَتُقْسَمُ إلَّا أَنَّ الْمَآلَ وَاحِدٌ وَجَعَلَ م ر قَوْلَهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ مَفْعُولًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتُجْعَلُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ وَعِبَارَتُهُ فَتُجْعَلُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةً وَيُكْتَبُ عَلَى كُلِّ رُقْعَةٍ لِلَّهِ أَوْ لِلْمَصَالِحِ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْغَانِمِينَ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ وَيَخْرُجُ فَمَا خَرَجَ لِلَّهِ جَعَلَ خُمُسَهُ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقِينَ فِي الْفَيْءِ.

قَوْلُهُ: (فَيُعْطَى أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) وَهَذَا مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ نُصْرَةً وَكَانَ يَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ خُمُسَ الْخُمُسِ فَجُمْلَةُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لَكِنْ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. بَلْ كَانَ يَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ عَلَى الْغَانِمِينَ تَأْلِيفًا لَهُمْ وَأَمَّا خُمُسُ الْخُمُسِ فَكَانَ يَصْرِفُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا فَضَلَ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَفْضَلُ قِسْمَتُهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بَلْ تَجِبُ إنْ طَلَبُوهَا وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَنْ غَنِمَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ لَمْ يَثْبُتْ وَبِفَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>