للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَانِمُونَ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَعَمَلًا بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَرْضِ خَيْبَرَ سَوَاءٌ أَقَاتَلَ مَنْ حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ مَعَ الْجَيْشِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَهَيُّؤُهُ لِلْجِهَادِ وَحُصُولُهُ هُنَاكَ. فَإِنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ بَاعِثَةٌ عَلَى الْقِتَالِ. وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فِي الْغَالِبِ إلَّا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ تَكْثِيرِهِ سَوَادَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَا مَنْ حَضَرَ لَا بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَقَاتَلَ فِي الْأَظْهَرِ فَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ حَضَرَ لَا بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَلَمْ يُقَاتِلْ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: الْأُولَى مَا لَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ جَاسُوسًا فَغَنِمَ الْجَيْشُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي الْأَصَحِّ. الثَّانِيَةُ لَوْ طَلَبَ الْإِمَامُ بَعْضَ الْعَسْكَرِ لِيَحْرُسَ مِنْ هُجُومِ الْعَدُوِّ وَأَفْرَدَ مِنْ الْجَيْشِ كَمِينًا، فَإِنَّهُ يُسْهِمُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْوَقْعَةَ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. الثَّالِثَةُ لَوْ دَخَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْحَرْبِ فَبَعَثَ سَرِيَّةً نَاحِيَةً فَغَنِمَتْ شَارَكَهَا جَيْشُ الْإِمَامِ، وَبِالْعَكْسِ لِاسْتِظْهَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَلَوْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ إلَى جِهَةٍ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِيمَا تَغْنَمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ وَإِنْ تَبَاعَدَتَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ.

وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فَلَا يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ وَنَصَّ فِي مَوْتِ الْفَرَسِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْهَا وَالْأَصَحُّ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ لِأَنَّ الْفَارِسَ مَتْبُوعٌ. فَإِذَا مَاتَ فَاتَ الْأَصْلُ وَالْفَرَسُ تَابِعٌ فَإِذَا مَاتَ جَازَ أَنْ يَبْقَى سَهْمُهُ لِلْمَتْبُوعِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَجِيرَ الَّذِي وَرَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لَا لِجِهَادٍ بَلْ لِسِيَاسَةِ دَوَابَّ وَحِفْظِ أَمْتِعَةٍ وَنَحْوِهَا. وَالتَّاجِرُ وَالْمُحْتَرِفُ كَالْخَيَّاطِ وَالْبَقَّالِ يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا لِشُهُودِهِمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثُبُوتِهِ فَالْغَنِيمَةُ كَانَتْ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَرَاهُ. اهـ. قِ ل.

قَوْلُهُ: (لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ) أَيْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ أَيْ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ فِيمَا غَنِمَ فَيَشْمَلُ الْعَقَارَ وَالْمَنْقُولَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ عِلَّةً لِلتَّعْمِيمِ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ مَعَ الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَعَمَلًا بِفِعْلِهِ أَيْ مِنْ إعْطَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَوْ قَالَ لِلْآيَةِ لِتَكُونَ الْآيَةُ أَيْضًا عِلَّةً لِلْمَتْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا إلَّا الْخُمُسُ فَكَانَ الْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ مِنْ حَيْثُ إسْنَادُ الْغَنِيمَةِ لَهُمْ لَكَانَ أَظْهَرَ اهـ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (سَوَادُ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (كَمِينًا) وَالْكَمِينُ النَّاسُ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا يَتَوَارَوْنَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِمْ الْعَدُوُّ ثُمَّ يَنْهَضُونَ عَلَى الْعَدُوِّ فِي غَفْلَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَتُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَهُ.

قَوْلُهُ: (لِاسْتِظْهَارٍ) أَيْ تَقَوٍّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي صُورَةِ تَقَارُبِهِمَا اهـ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ السَّرِيَّةَ هُنَاكَ تُشَارِكُ الْجَيْشَ وَهُنَا تُشَارِكُ الْأُخْرَى وَالسَّرِيَّةُ غَايَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى ثَمَانِ مِائَةٍ يُقَالُ لَهُ مَنْسِرٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ يُقَالُ لَهُ جَحْفَلٌ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ خَمِيسٌ وَسُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّ لَهُ أَمَامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَيَسَارًا وَقَلْبًا وَأَمَّا الْبَعْثُ فَهُوَ فِرْقَةٌ مِنْ السَّرِيَّةِ وَأَمَّا الْكَتِيبَةُ فَهُوَ الْمُجْتَمَعُ الَّذِي لَمْ يَنْتَشِرْ.

قَوْلُهُ: (فَحَقُّهُ) أَيْ حَقُّ تَمَلُّكِهِ لِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا مِلْكَ إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ فَكَمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ لَهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِي ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَنُصَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ: وَالْأَصَحُّ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ إلَخْ م د.

قَوْلُهُ: (تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ) أَيْ إبْقَاؤُهُمَا عَلَى حَالِهِمَا وَالْأَخْذُ بِهِمَا يَعْنِي أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلًا مَنْصُوصًا وَقَوْلًا مُخْرَجًا مِنْ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمُخْرَجِ فِيهِمَا لِعِلْمِهِ مِنْ الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفَارِسَ) الْأَوْلَى لِأَنَّ الرَّجُلَ.

قَوْلُهُ: (جَازَ أَنْ يَبْقَى) هَذَا لَا يُنْتِجُ الِاسْتِحْقَاقَ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَجِيرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يُسْهَمُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُقَاتِلَ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَرِدَ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا أُعْطِيَ مُطْلَقًا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ حَيْثُ حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَأَنْ تَكُونَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَإِلَّا أُعْطِيَ مُطْلَقًا أَيْضًا وَأَنْ لَا تَكُونَ لِلْجِهَادِ وَإِلَّا لَمْ يُعْطَ شَيْئًا أَيْ لَا أُجْرَةً وَلَا سَهْمًا وَلَا رَضْخًا وَلَا سَلَبًا اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (كَالْخَيَّاطِ) أَيْ الَّذِي يُخَيِّطُ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: وَالْبَقَّالِ وَالنَّعَّالِ أَيْ الَّذِي يَعْمَلُ لَهُمْ النِّعَالَ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ: الْمُحْتَرِفُ وَالْبَقَّالُ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْبُقُولَ وَهِيَ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (يُسْهَمُ لَهُمْ) أَيْ مَعَ الْأُجْرَةِ إنْ فَعَلُوا الْعَمَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>