الْوَقْعَةَ وَقِتَالِهِمْ، أَمَّا مَنْ وَرَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى ذِمَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِ مُدَّةٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيُعْطَى وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْجِهَادِ فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِبُطْلَانِ إجَارَتِهِ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الصَّفِّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ وَلَمْ يَحْضُرْ مُجَاهِدًا وَيَدْفَعُ (لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ) لَهُ سَهْمٌ وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَنْ حَضَرَ بِفَرَسٍ يَرْكَبُهُ يُسْهَمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ رُكُوبُهُ لَا إنْ حَضَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَا يُعْطَى إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ مَعَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ أَفْرَاسٌ عَرَبِيًّا كَانَ الْفَرَسُ أَوْ غَيْرَهُ كَالْبِرْذَوْنِ وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ وَالْهَجِينِ وَهُوَ مَا أَبُوهُ عَرَبِيٌّ دُونَ أُمِّهِ. وَالْمُقْرِفُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَكْسُهُ لِأَنَّ الْكَرَّ وَالْفَرَّ يَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهُمَا كَالرِّجَالِ.
وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ أَعْجَفَ أَيْ مَهْزُولٍ بَيِّنِ الْهُزَالِ وَلَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْهَرَمِ وَالْكَبِيرِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ. وَلَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ كَالْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ صَلَاحِيَةَ الْخَيْلِ لَهُ وَلَكِنْ يَرْضَخُ لَهَا وَيُفَاوِتُ بَيْنَهَا بِحَسَبِ النَّفْعِ. (وَ) يُدْفَعُ (لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ يَوْمَ خَيْبَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرِدُ إعْطَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي وَقْعَةٍ سَهْمَيْنِ كَمَا صَحَّ فِي مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مِنْهُ خُصُوصِيَّةً اقْتَضَتْ ذَلِكَ.
(وَلَا يُسْهَمُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (إلَّا لِمَنْ اُسْتُكْمِلَتْ فِيهِ خَمْسُ) بَلْ سِتُّ (شَرَائِطَ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ) وَالصِّحَّةُ (فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ كَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالرَّقِيقِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَالزَّمِنِ (رَضَخَ لَهُ وَلَمْ يُسْهَمْ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْض الْجِهَادِ. وَالرَّضْخُ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ لُغَةً الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ، وَشَرْعًا اسْمٌ لِمَا دُونَ السَّهْمِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ وَإِلَّا فَالسَّهْمُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَيُعْطَى) أَيْ إنْ حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (وَيَدْفَعُ) لَا يَخْفَى أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْجُمْلَةُ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهَا وَجَعَلَ الشَّارِحُ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَثَلَاثَةً نَائِبَ فَاعِلٍ بِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَ الْجُمْلَةِ مُسْتَأْنَفَةً غَيْرَ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ مُسْتَقِيمًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَيُدْفَعُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لِلْفَارِسِ) أَيْ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسٌ صَالِحٌ لِلْقِتَالِ وَإِنْ غَصَبَهُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ مَالِكُهُ وَإِلَّا فَلِمَالِكِهِ أَوْ ضَاعَ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَوْ مَاتَ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْأَثْنَاءِ. اهـ. سم وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ بِفَرَسٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَهْمُ فَرَسٍ أَوْ لَا يُعْطَيَانِ لَهَا شَيْئًا أَوْ يُعْطِيَانِهِ. ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَعَلَّ الثَّالِثَ: أَصَحُّهُمَا وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فَلَوْ رَكِبَاهُ فَفِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ حَسَنٌ اخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ وَهُوَ إنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ مَعَ رُكُوبِهِمَا فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَإِلَّا فَسَهْمَانِ. اهـ. م ر كَبِيرٌ عَلَى الزَّبَدِ.
قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ رُكُوبُهُ) بِخِلَافِ الْأَعْجَفِ وَالْهَرَمِ وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ م د. قَوْلُهُ: (وَالْهَجِينُ) وَهَذِهِ صِفَاتٌ لِلْخَيْلِ وَقَدْ تَجْرِي فِي الْآدَمِيِّ أَيْضًا وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ:
مَاتَ أَهْلُ الْفَضْلِ لَمْ يَبْقَ سِوَى ... مُقْرِفٌ أَوْ مَنْ عَلَى الْأَصْلِ اتَّكَلْ
قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ أَعْجَفَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُ الْمَنْهَجِ: وَلَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ فِيهِ نَفْعٌ.
قَوْلُهُ: (رَأَى مِنْهُ خُصُوصِيَّةً) أَيْ وَالِاجْتِهَادُ فِي الْحُرُوبِ سَائِغٌ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ نَفْلًا، وَعِبَارَةُ السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ «وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ مُرْدِفًا سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ وَأَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ سَهْمَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ جَمِيعًا» أَيْ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ رَاجِلًا وَهَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَاضِلَ فِي الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يَجُوزُ وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (كَالْكَافِرِ) سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤَمَّنًا وَإِذَا كَمُلَ مَنْ ذَكَرَهُ أُعْطِيَ سَهْمًا كَامِلًا، وَقَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ أَيْ كَكُفْرِ الْكَافِرِ لِأَنَّ