للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ فِي قَدْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ. فَيَرْجِعُ إلَى رَأْيِهِ وَيُفَاوِتُ عَلَى قَدْرِ نَفْعِ الْمُرْضَخِ لَهُ، فَيَرْجِعُ الْمُقَاتِلُ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعَطَاشَى عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ بِخِلَافِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ. وَالرَّضْخُ بِالِاجْتِهَادِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَلَوْ كَانَ الرَّضْخُ لِفَارِسٍ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ فَيَنْقُصُ بِهِ مِنْ قَدْرِهَا كَالْحُكُومَةِ مَعَ الْأُرُوشِ الْمُقَدَّرَةِ وَمَحَلُّ الرَّضْخِ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ لِأَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ يُسْتَحَقُّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ وَإِنَّمَا يَرْضَخُ لِذِمِّيٍّ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ وَكَانَ حُضُورُهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ وَبِلَا إكْرَاهٍ مِنْهُ. وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِ الْآحَادِ فَإِنْ حَضَرَ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهَا وَإِنْ حَضَرَ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ فَلَا رَضْخَ لَهُ بَلْ يُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ إنْ رَآهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْخُرُوجِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ سَهْمٍ وَلَا رَضْخَ لِاسْتِهْلَاكِ عَمَلِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

(وَيَقْسِمُ الْخُمُسَ) الْخَامِسَ بَعْدَ ذَلِكَ (عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ) فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ. الْأَوَّلُ (سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِلْآيَةِ وَلَا يَسْقُطُ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ (يُصْرَفُ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَصَالِحِ) أَيْ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُصْرَفُ مِنْهُ لِكَافِرٍ فَمِنْ الْمَصَالِحِ سَدُّ الثُّغُورِ وَشَحْنُهَا بِالْعَدَدِ وَالْمُقَاتِلَةِ وَهِيَ مَوَاضِعُ الْخَوْفِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ الَّتِي تَلِيهَا بِلَادُ الْمُشْرِكِينَ، فَيَخَافُ أَهْلُهَا مِنْهُمْ. وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْحُصُونِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ بِعُلُومٍ تَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَمُعَلِّمِي الْقُرْآنِ وَالْمُؤَذِّنِينَ لِأَنَّ بِالثُّغُورِ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ وَلِئَلَّا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكَلَامَ فِي الشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: (بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ) أَيْ وَبِإِهْمَالِ الثَّانِيَةِ فِي لُغَةٍ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الرَّضْخُ لِفَارِسٍ) وَهَلْ يَسْتَحِقُّ فَرَسُهُ سَهْمَيْنِ كَفَرَسِ غَيْرِهِ أَوْ يُرْضَخُ لَهَا دُونَ سَهْمَيْ غَيْرِهِ؟ وَهُوَ الْأَقْرَبُ: قَوْلُهُ: (فَيَنْقُصُ بِهِ) أَيْ بِالتَّبَعِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِهِ تَابِعًا لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُسَاوِي الْمَتْبُوعَ.

قَوْلُهُ: (حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ) جُمْلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَحْضُرَ بِلَا أُجْرَةٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُكْرَهًا.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ ق ل.

قَوْلُهُ: (بَلْ يُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ) وَلَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الرَّاجِلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي بَابِ السِّيَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الْفَارِسِ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الْبُرُلُّسِيُّ:. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ نَدْبًا وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ قِسْمَتِهِ عَلَى قِسْمَتِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهِ عَنْهَا قَبْلَ قِسْمَتِهَا وَتَجِبُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسَةٍ) لَعَلَّ عَلَى زَائِدَةٌ أَوْ الْمَعْنَى وَيَقْسِمُ الْخُمُسَ تَقْسِيمًا مُشْتَمِلًا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: عَلَى خَمْسَةٍ الْأَوْلَى حَذْفُ عَلَى لِأَنَّهَا تَقْتَضِي مَقْسُومًا وَمَقْسُومًا عَلَيْهِ كَقَسَمْتُ الرَّغِيفَ عَلَى رَجُلَيْنِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ هِيَ نَفْسُ الْخُمُسِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ يُنَاسِبُهَا أَيْ تَقْسِيمًا مُشْتَمِلًا عَلَى خَمْسَةٍ أَوْ أَنَّهَا زَائِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ بِمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْحِسَابِ لِأَنَّهَا مَخْرَجُ خُمُسِ الْخُمُسِ الْحَاصِلِ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ. وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ وَلَا مَنْدُوبٍ فَيَجُوزُ جَعْلُ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لِلْغَانِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَخْمِيسٍ.

قَوْلُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] إسْنَادُ الْغَنِيمَةِ لَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُمْ فَلَمَّا أَخْرَجَ مِنْهَا الْخُمُسَ بَقِيَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ عَلَى مِلْكِهِمْ.

قَوْلُهُ: (سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ) وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ بَلْ كَانَ يَصْرِفُهَا عَلَى الْغَانِمِينَ بِحَسَبِ مَا أَرَادَ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَنَاطِرِ) أَيْ الْجُسُورِ وَقَوْلُهُ: وَالْحُصُونِ كَالْقِلَاعِ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ) وَكَذَا زَوْجَاتُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) أَيْ: وَالْمُتَعَلِّمِينَ. قَوْلُهُ: (وَمُعَلِّمِي الْقُرْآنِ) أَيْ وَمُتَعَلِّمِيهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>