للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَحْوُ قَبِلْنَا وَرَضِينَا وَشَرَطَ فِي الْعَاقِدِ كَوْنَهُ إمَامًا يَعْقِدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي شُرُوطِ الْمَعْقُودِ لَهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَشَرَائِطُ وُجُوبِ) ضَرْبِ (الْجِزْيَةِ) عَلَى الْكُفَّارِ الْمَعْقُودِ لَهُمْ (خَمْسُ خِصَالٍ) الْأُولَى (الْبُلُوغُ وَ) الثَّانِيَةُ (الْعَقْلُ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مَعَ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ وَلِيِّهِمَا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ بَالِغًا وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ إنْ أَطْبَقَ جُنُونُهُ. فَإِنْ تَقَطَّعَ وَكَانَ قَلِيلًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ لَزِمَتْهُ وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ. وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ فَالْأَصَحُّ تَلْفِيقُ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فَإِذَا بَلَغَ سَنَةً وَجَبَتْ جِزْيَتُهَا (وَ) الثَّالِثَةُ (الْحُرِّيَّةُ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مَعَ الرَّقِيقِ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَلَا جِزْيَةَ عَلَى مُتَمَحِّضِ الرِّقِّ إجْمَاعًا وَلَا عَلَى الْمُبَعَّضِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَ) الرَّابِعَةُ (الذُّكُورِيَّةُ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مَعَ امْرَأَةٍ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: ٢٩] إلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وَهُوَ خِطَابٌ لِلذُّكُورِ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِر فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ: أَنْ لَا يَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَلَا مِنْ خُنْثَى وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أُنْثَى، فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ وَقَدْ عُقِدَتْ لَهُ الْجِزْيَةُ طَالَبْنَاهُ بِجِزْيَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَدَمَ النَّظَرِ لِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ عَمَلًا بِالْمَشْهُورِ أَنَّهُ لِلْحَالِ أَوْ لَهُمَا أَيْ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِدَارِكُمْ كَمَا فِي م ر. فَيُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْإِقَامَةُ بِدَارِنَا بَلْ لَوْ رَضُوا بِالْجِزْيَةِ وَهُمْ مُقِيمُونَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَحَّتْ كَمَا قَالَهُ سم: قَوْلُهُ: (لِحُكْمِنَا) مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ الْمُرَادُ لِحُكْمِنَا الَّذِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذِهِ الْهَاءَ عَائِدَةٌ عَلَى الْحُكْمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُؤَوَّلْ الْحُكْمُ بِالْمَحْكُومِ بِهِ أَيْ تَحْرِيمِ مُتَعَلِّقِهِ. وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ الرَّافِعِيِّ: وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ رِضَاهُمْ وَذَلِكَ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَأَمَّا مَا يَسْتَحِلُّونَهُ كَحَدِّ الشُّرْبِ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا اهـ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولًا) أَيْ مِنْ كُلِّ الْمُخَاطَبِينَ كَمَا فِي م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ دَالٍّ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ مِنْ النَّاطِقِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَزِمَ الْكَافِرَ أَقَلُّهَا لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ بِدَارِنَا وَخَرَجَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ مَا إذَا بَطَلَ بِأَنْ عَقَدَهُ الْآحَادُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَشَرَائِطُ وُجُوبِ) الْأَوْلَى حَذْفُ وُجُوبٍ وَيَقُولُ وَشَرَائِطُ صِحَّةِ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: ضَرْبُ أَيْ عَقْدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ وَلِيِّهِمَا) مِنْ بِمَعْنَى مَعَ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ أَيْ وَلَا مَعَ وَلِيِّهِمَا أَيْ لَهُمَا لَا لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَلَوْ عُقِدَتْ لَهُمَا وَهَذَا فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ إذْ لَا جِزْيَةَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجُنُونُ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ) هَذَا مَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَيَوْمَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَلْفِيقُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر فَالْأَصَحُّ تَلْفِيقُ الْإِفَاقَةِ إنْ أَمْكَنَ فَإِذَا بَلَغَتْ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ سَنَةً وَجَبَتْ الْجِزْيَةُ لِسُكْنَاهُ سَنَةً بِدَارِنَا وَهُوَ كَامِلٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الْمُتَّجَهُ. وَكَذَا لَوْ قُلْت: بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ مَجْمُوعُهَا بِأُجْرَةٍ، وَطُرُوُّ الْجُنُونِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ كَطُرُوِّ الْمَوْتِ اهـ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَوْ قَلَّتْ مُدَّةُ الْإِفَاقَةِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَلْفِيقُهَا أَوْ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ أَيْ فَإِنْ قُوبِلَتْ بِأُجْرَةٍ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطِهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا جِزْيَةَ) أَيْ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا فَالْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ خِطَابٌ لِلذُّكُورِ) اللَّامُ بِمَعْنَى أَيْ فِي أَيِّ خِطَابٍ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي حَقِّ الذُّكُورِ مِنْ الْكُفَّارِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {لا يُؤْمِنُونَ} [التوبة: ٢٩] وَقَوْلُهُ: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] خَاصَّانِ بِالذُّكُورِ.

قَوْلُهُ: (الْأَجْنَادِ) أَيْ الْجُيُوشِ جَمْعُ جُنْدٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ عُقِدَتْ لَهُ الْجِزْيَةُ) أَيْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَوْصَافِ كَأَنْ يَقُولَ: عَلَى الْغَنِيِّ كَذَا وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ كَذَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ تُعْقَدُ لَهُ الْجِزْيَةُ مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ حَالَ خُنُوثَتِهِ وَصَوَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا عُقِدَتْ لَهُ حَالَ خُنُوثَتِهِ فَإِذَا اتَّضَحَ تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ سم. بِالْمَعْنَى فَأَفَادَ الشَّارِحُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا لَهُ فَلَوْ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>