للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَلَوْ عُقِدَتْ الْجِزْيَةُ لِلْكُفَّارِ، بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ ثُمَّ عَلِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْغَبْنَ. فَإِنْ أَبَوْا بَذْلَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ. كَمَا لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَاءِ أَصْلِ الْجِزْيَةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ نَبَذَ الْعَهْدَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ وَلَهُ وَارِثٌ مُسْتَغْرِقٌ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْهُ فِي الْأُولَتَيْنِ وَمِنْهُ: تَرِكَتُهُ فِي الثَّالِثَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ كَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ نَبَذَ الْعَهْدَ أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِ سَنَةٍ. فَقِسْطٌ لِمَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ.

(وَيَجُوزُ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَالرَّاجِحُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ (أَنْ يَشْتَرِطَ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى غَيْرِ فَقِيرٍ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ مُتَوَسِّطٍ فِي الْعَقْدِ بِرِضَاهُمْ (الضِّيَافَةَ) أَيْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَّا بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، فَإِنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَا تَتَيَسَّرُ لَهُ (فَضْلًا) أَيْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَعْقِدُ عَلَى الْأَشْخَاصِ فَلَهُ الْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَطْ بِأَنْ يَقُولَ الْكَافِرُ: أَنَا فَقِيرٌ اعْقِدْ لِي بِدِينَارٍ فَيَقُولُ الْإِمَامُ لَهُ: أَنْتَ غَنِيٌّ أَوْ مُتَوَسِّطٌ مَثَلًا فَيُمَاكِسُهُ حَتَّى يَعْقِدَ لَهُ بِدِينَارَيْنِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّوَسُّطِ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْغِنَى وَمَتَى عَقَدَ بِشَيْءٍ لَزِمَ وَسَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ لَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ هَذِهِ الْمُمَاكَسَةُ إنْ كَانَتْ سُنَّةً جَازَ تَرْكُهَا وَتَصْدِيقُ الْكَافِرِ فِي دَعْوَى الْفَقْرِ وَيَعْقِدُ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا فَلَوْ تَرَكَهَا وَعَقَدَ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَأَمَّا: إذَا عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَاكِسَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: جَعَلْت عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْجِهَةِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَالْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ فَيَقُولُونَ لَهُ: الْجِهَةُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا فُقَرَاءُ اجْعَلْ عَلَيْهَا دِينَارًا وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُمَاكِسَ عِنْدَ الْأَخْذِ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْكَافِرُ دِينَارًا وَيَقُولَ: أَنَا مِنْ الْفُقَرَاءِ فَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ مَثَلًا وَفِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ الْمُمَاكَسَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَعِنْدَ الْأَخْذِ إنْ كَانَتْ سُنَّةً جَازَ تَرْكُهَا وَيَعْقِدُ فِي الْأَوَّلِ بِدِينَارٍ وَعِنْدَ الْأَخْذِ يَتْرُكُهَا وَيَأْخُذُ دِينَارًا أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَالْعَقْدُ بِدِينَارٍ وَلَا تَرْكُهَا عِنْدَ الْأَخْذِ وَأَخْذُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (كَانُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ) : فَإِذَا عَادُوا وَطَلَبُوا عَقْدَهَا بِدِينَارٍ أَجَابَهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَيْضًا لَكِنَّ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ، يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ الْجِزْيَةِ اهـ قَالَ الشَّيْخُ م ر فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ اهـ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِفَلَسٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يَصِحُّ عَقْدُ الْجِزْيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ شُرُوطِ الْمَعْقُودِ لَهُ عَدَمَ الْحَجْرِ فَطُرُّوهُ لَا يُبْطِلُهَا، وَحِينَئِذٍ يُوجِبُ الْقِسْطَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْقُطُ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَمَا فِي دل شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، أَوْ أَسْلَمَ أَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ لِمَا مَضَى وَاجِبٌ فِي مَالِهِ أَوْ تَرِكَتِهِ كَالْأُجْرَةِ: وَالْقَوْلُ فِي وَقْتِ إسْلَامِهِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذَا حَضَرَ وَادَّعَاهُ فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجْرَ بِقِسْمَيْهِ.

فَإِنْ عَقَدَ رَشِيدٌ بِأَكْثَرَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ اُتُّجِهَ لُزُومُ مَا عَقَدَ بِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ سُفِّهَ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْأَكْثَرُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَ) أَوْ جُنَّ وَلَا تَبْطُلُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ. عَزِيزِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ سِنِينَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ وَارِثٌ مُسْتَغْرِقٌ) يَرْجِعُ لِمَاتَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِهِ قِسْطَهُ كَأَنْ خَلَفَ بِنْتًا فَتَدْفَعُ نِصْفَ الْجِزْيَةِ م ر فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (أُخِذَتْ جِزْيَتَهُنَّ) أَيْ السِّنِينَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِ) أَيْ أَثْنَاءِ.

قَوْلُهُ: (فَقِسْطٌ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا بِالْعَقْدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ إلَخْ) كَلَامٌ مُجْمَلٌ. حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ احْتَمَلَ أَنْ يُوَافِقُوهُ عَلَى شَرْطِ الضِّيَافَةِ وَأَنْ لَا يُوَافِقُوهُ كَأَنْ شَرَطَهَا سَنَةً وَإِنْ عَلِمَ أَنْ يُوَافِقُوهُ أَوْ ظَنَّ وَجَبَ شَرْطُهَا. فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إجَابَتِهِمْ كَانَ الشَّرْطُ مُبَاحًا وَكُلُّ هَذَا عِنْدَ رِضَاهُمْ وَطِيبِ نَفْسِهِمْ وَإِلَّا حَرُمَ شَرْطُ الضِّيَافَةِ.

وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَبُولِهِمْ كَقَبُولِ الْجِزْيَةِ اهـ. م ر سم عَلَى حَجّ. قَوْلُهُ: (الضِّيَافَةُ) وَلَوْ صُولِحُوا عَلَى تَرْكِ الضِّيَافَةِ بِمَالٍ فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ لَا لِلطَّارِقِينَ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ) بِحَيْثُ يُسَمَّى مُسَافِرًا وَلَيْسَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ ق ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِنْ كَانَ الْمَارُّ غَنِيًّا مُجَاهِدًا وَيُتَّجَهُ عَدَمُ دُخُولِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ. اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ فَمَا أَخَذَهُ الْمُسَافِرُ الْمَذْكُورُ، لَا يُحْسَبُ مِمَّا شُرِطَ عَلَيْهِمْ بَلْ الْحَقُّ بَاقٍ فِي جَنْبِهِمْ يُطَالِبُونَ بِهِ وَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ فَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>