للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاضِلًا (عَنْ مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ) لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ.

وَيَذْكُرُ عَدَدَ ضِيفَانِ رَجْلًا وَخَيْلًا لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَأَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ، بِأَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ عَلَى الْمَجْمُوعِ كَأَنْ يَقُولَ: وَتُضِيفُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ مُسْلِمٍ. وَهُمْ يَتَوَزَّعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَيَذْكُرُ مَنْزِلَهُمْ كَكَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ وَجِنْسِ طَعَامٍ. وَأُدْمٍ وَقَدْرَهُمْ لِكُلٍّ مِنَّا وَيَذْكُرُ الْعَلَفَ لِلدَّوَابِّ وَلَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ جِنْسِهِ وَلَا قَدْرَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى تِبْنٍ وَنَحْوِهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ إلَّا الشَّعِيرَ وَنَحْوَهُ كَالْفُولِ، إنْ ذَكَرَهُ فَيُقَدِّرُهُ وَلَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ دَوَابُّ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا مِنْهَا لَمْ يَعْلِفْ لَهُ إلَّا وَاحِدَةً عَلَى النَّصِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ: «خَيْرُ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» وَلْيَكُنْ الْمَنْزِلُ بِحَيْثُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ.

وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدُ وَشَرَطَ فِيهِ كَوْنَهُ إمَامًا فَيَعْقِدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ. فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ فَتَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ. لَكِنْ لَا يُغْتَالُ الْمَعْقُودُ لَهُ بَلْ يَبْلُغُ مَأْمَنَهُ وَعَلَيْهِ إجَابَتُهُمْ إذَا طَلَبُوا وَأَمِنَ إذَا لَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ أَحَدٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ عُبَابٌ وَقَالَ م ر: وَلَا يُطَالِبُهُمْ بِعِوَضٍ إنْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ ضَيْفٌ اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل. عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِهِمْ ضِيفَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَذْلُ الضِّيَافَةِ إلَّا إنْ شُرِطَ عَدَدٌ مَثَلًا فِي يَوْمٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ اهـ.

قَوْلُهُ: (مِنَّا) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ قَيْدٌ لِلنَّدْبِ لَا لِلْجَوَازِ وَيَجُوزُ شَرْطُ ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْ الذِّمِّيِّينَ. وَيَحْمِلُ إطْلَاقَ الْمَارِّ عَلَى الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا بِدِيَارِهِمْ أَوْ عَكْسَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِدَارِنَا أَوْ دَارِهِمْ اهـ ق ل. قَوْلُهُ: (أَيْ فَاضِلًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَاضِلَةً أَيْ زَائِدَةً لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ الضِّيَافَةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْحَالُ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ كَمَا فِي ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ شَرَطَ فَوْقَهَا مَعَ رِضَاهُمْ جَازَ. وَيَشْتَرِطُ تَزْوِيدَ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَوْ امْتَنَعَ قَلِيلٌ مِنْهُمْ مِنْ الضِّيَافَةِ أُجْبِرُوا أَوْ كُلُّهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فَنَاقِضُونَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ عَدَدَ ضِيفَانٍ) أَيْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَيَذْكُرُ أَيْ وُجُوبًا اهـ وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ لَفْظُ يَذْكُرُ بِالرَّفْعِ.

قَوْلُهُ: (رَجْلًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ كَمَا ضَبَطَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الرَّاجِلُ ضِدُّ الْفَارِسِ وَالْجَمْعُ رَجْلٌ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَرَجَّالَةٌ وَرُجَّالٌ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ فِيهِمَا. اهـ فَقَوْلُهُ: رَجْلًا أَيْ مُشَاةً وَقَوْلُهُ وَخَيْلًا أَيْ فُرْسَانًا.

قَوْلُهُ: (وَتُضِيفُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ) هَذَا الْمِثَالُ لِقَوْلِهِ: أَوْ عَلَى الْمَجْمُوعِ وَمِثَالُ قَوْلِهِ: عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ كَأَنْ يَقُولَ: أَقْرَرْتُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَعَلَيْهِ ضِيَافَةُ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ مَثَلًا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمُشَاةِ كَذَا وَالرُّكْبَانِ كَذَا. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ مَنْزِلَهُمْ) وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ رَفْعَ بَابِهِ لِيَدْخُلَ الْفَارِسُ رَاكِبًا مَثَلًا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَجِنْسُ طَعَامٍ) وَمِنْهُ الْفَاكِهَةُ وَالْحَلْوَى وَنَحْوُهُمَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى الْعَادَةِ وَيُلْزِمُهُمْ أُجْرَةَ طَبِيبٍ وَثَمَنَ دَوَاءٍ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الضِّيَافَةِ.

قَوْلُهُ: (أَيْلَةَ) بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ فَلَامٌ مَفْتُوحَةٌ الْعَقَبَةُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ وَهِيَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣] الْآيَةَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بَلْدَةٌ بِالشَّامِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ مَكَّةَ وَمِصْرَ وَأَمَّا إيلِيَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ يَاءٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ (عَلَى ثَلَثِمِائَةِ دِينَارٍ) يَقْتَضِي أَنَّهُمْ فُقَرَاءُ وَشَرْطُ الضِّيَافَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَقْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ غَيْرُ فُقَرَاءَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعَقْدُ مَعَهُمْ إلَّا بِدِينَارٍ. قَوْلُهُ: (وَلْيَكُنْ الْمَنْزِلُ) هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْ غَيْرِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَعْقُودِ لَهُ وَإِنْ أَقَامَ سَنَةً فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَغْوٌ سم وَشَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (لَا يُغْتَالُ) أَيْ لَا يُخْدَعُ وَيُقْتَلُ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْإِمَامُ لَا يَغْتَالُ الْمَعْقُودَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَبْلُغُ مَأْمَنَهُ) أَيْ مَحَلًّا يَأْمَنُ فِيهِ مِنَّا وَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ أَيْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِعَقْدِ الْجِزْيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمِنَ) أَيْ مَكْرَهُمْ وَقَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَخَفْ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ غَائِلَتَهُمْ إلَخْ. فَهُوَ بَيَانٌ لِأَمْنِ الْمَكْرِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>