للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرُورَةِ بِهِ وَقَدْ يَجِدُ بَعْدَهُ الْحَلَالَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: ٣] قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الشِّبَعَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَالرَّمَقُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ الْقُوَّةُ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّدَّ الْمَذْكُورَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالْمُهْمَلَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الَّذِي نَحْفَظُهُ أَنَّ بِالْمُهْمَلَةِ. وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْكُتُبِ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَدُّ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ بِسَبَبِ الْجُوعِ نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفًا أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتَهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ جَازَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ بَلْ وَجَبَتْ لِئَلَّا يُهْلِكَ نَفْسَهُ. تَنْبِيهٌ:

يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّدُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَوْ رَجَا الْوُصُولَ إلَى الْحَلَالِ وَيَبْدَأُ وُجُوبًا بِلُقْمَةٍ حَلَالٍ ظَفِرَ بِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا ذُكِرَ حَتَّى يَأْكُلَهَا لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَإِذَا وَجَدَ الْحَلَالَ بَعْدَ تَنَاوُلِهِ الْمَيْتَةَ وَنَحْوَهَا لَزِمَهُ الْقَيْءُ أَيْ إذَا لَمْ يَضُرَّهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ أُكْرِهَ رَجُلٌ حَتَّى شَرِبَ خَمْرًا أَوْ أَكَلَ مُحَرَّمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَمَّ الْحَرَامُ جَازَ اسْتِعْمَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الضَّرُورَةِ قَالَ الْإِمَامُ: بَلْ عَلَى الْحَاجَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إنْ تَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ الْمُسْتَحَقِّ إذْ الْمَالُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْهَا لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ، إذَا لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً غَيْرَهُ كَمَا قَيَّدَهُ الشَّيْخَانِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلَ مِنْهُ جَزْمًا. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ كَمَا صَحَّتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ. أُجِيبُ: بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْ مُضْطَرٍّ وَجَدَ مَيِّتَةَ نَبِيٍّ قَبْلَ دَفْنِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ كَافِرًا فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَدْفَعَ الضَّرَرَ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ) أَيْ غَيْرَ مَائِلٍ لَهُ وَمُنْحَرِفٍ إلَيْهِ، بِأَنْ يَأْكُلَهَا تَلَذُّذًا أَوْ مُجَاوِزًا حَدَّ الرُّخْصَةِ كَقَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣] اهـ. بَيْضَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قِيلَ أَرَادَ بِهِ) أَيْ بِالتَّجَانُفِ وَإِنَّمَا كَانَ إثْمًا لِأَنَّهُ لِعِلْمِهِ تَوَقُّعَ حَلَالٍ عَنْ قُرْبٍ فَكَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ.

قَوْلُهُ: (بَقِيَّةُ الرُّوحِ) أَيْ بَقِيَّةُ الْقُوَّةِ الَّتِي الرُّوحُ سَبَبٌ فِيهَا وَإِلَّا فَالرُّوحُ لَا تَتَجَزَّأُ اهـ.

ع ش.

قَوْلُهُ: (وَبِذَلِكَ) أَيْ بِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ الرَّمَقَ بِالْقُوَّةِ كَانَ الشَّدُّ بِالشِّينِ وَإِنْ فَسَّرَ الرَّمَقَ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ كَانَ السَّدُّ بِالسِّينِ. وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالشِّينِ وَبِالسِّينِ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ لِأَنَّهُ يُقَوِّي بَقِيَّةَ الرُّوحِ أَوْ الْقُوَّةِ وَسَدِّ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر السَّدُّ بِالْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْمُعْجَمَةِ الرَّمَقُ وَهُوَ بَقِيَّةُ الرُّوحِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْقُوَّةُ عَلَى مُقَابَلَةٍ اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ الرَّمَقُ بِفَتْحَتَيْنِ بَقِيَّةُ الرُّوحِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقُوَّةِ وَيَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَيْ مَا يُمْسِكُ بِهِ قُوَّتَهُ وَيَحْفَظُهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) كَالْمَغْصُوبِ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْقَيْءُ) قَيَّدَهُ م ر بِمَا إذَا شَبِعَ مِنْ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهَا فَلَا تَضْعِيفَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ شَبِعَ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِهِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحِلِّ لَزِمَهُ كَكُلِّ مَنْ تَنَاوَلَ مُحَرَّمًا التَّقَيُّؤُ إنْ أَطَاقَهُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فَرْضًا وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ فَيُغَلَّبُ الْمَانِعُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ إذَا تَعَارَضَ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ وَعِبَارَةُ م د هَذَا مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فَرْضًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إتْمَامَ صَوْمِهِ وَاجِبٌ فَإِنْ كَانَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ الْقَيْءِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ قَطْعُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] اهـ. ع ش. قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَى الْحَاجَةِ) أَيْ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (هَذَا إنْ تَوَقَّعَ) أَيْ مَحَلُّ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلْمَصَالِحِ) أَيْ فَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ زَائِدٍ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَيَكُونُ الْمَالُ حِينَئِذٍ حَلَالًا.

قَوْلُهُ: (هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ) تَأَمَّلْ هَذَا الْإِيرَادَ وَجَوَابَهُ.

قَوْلُهُ: (أُجِيبُ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>