. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَحُكْمُهُ الْحِلُّ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ السَّمَكِ وَالْقِرْشُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فِي آخِرِهِ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، تَمْنَعُ السُّفُنَ مِنْ السَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَتَدْفَعُ السَّفِينَةَ فَتَقْلِبُهَا وَتَضْرِبُهَا فَتَكْسِرُهَا، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلسُّفُنِ الْكِبَارِ فَلَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ أَهْلُهَا الْمَشَاعِلَ فَتَمُرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِثْلَ الْبَرْقِ وَلَا يَهَابُ شَيْئًا إلَّا النَّارَ وَبِهِ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا، وَالْقِرْشُ يُوجَدُ بِبَحْرِ الْقُلْزُمِ الَّذِي غَرِقَ فِيهِ فِرْعَوْنُ وَهُوَ عِنْدَ عَقَبَةِ الْحَاجِّ، وَبَنَاتُ الرُّومِ سَمَكٌ بِبَحْرِ الرُّومِ شَبِيهٌ بِالنِّسَاءِ ذَوَاتُ شُعُورٍ سَبْطَةٍ أَلْوَانُهُنَّ إلَى السُّمْرَةِ ذَوَاتُ فُرُوجٍ عِظَامٍ وَثَدْيٍ وَكَلَامٍ لَا يُفْهَمُ يَضْحَكُونَ وَيُقَهْقِهُونَ وَرُبَّمَا يَقَعْنَ فِي أَيْدِي بَعْضِ أَهْلِ الْمَرَاكِبِ فَيَنْكِحُوهُنَّ ثُمَّ يُعِيدُوهُنَّ إلَى الْبَحْرِ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ: أَنَّهُ كَانَ إذَا أَتَاهُ صَيَّادٌ بِسَمَكَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَرْأَةِ حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا. اهـ. دَمِيرِيٌّ. فَرْعٌ:
لَوْ صَادَ سَمَكَةً فِي بَطْنِهَا دُرَّةٌ هَلْ يَمْلِكُ الدُّرَّةَ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَالدُّرَّةُ لُقَطَةٌ، وَلَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِطَرِيقِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ مَلَكَهَا مَعَ السَّمَكَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. شَرْحُ الْحِصْنِيِّ وَعِبَارَةُ ز ي فَرْعٌ: الدُّرَّةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي السَّمَكَةِ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ مِلْكٌ لِلصَّيَّادِ إنْ لَمْ يَبِعْ السَّمَكَةَ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ بَاعَهَا تَبَعًا لَهَا فِيهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ: كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ لِلصَّيَّادِ أَيْضًا كَالْكَنْزِ الْمَوْجُودِ فِي الْأَرْضِ يَكُونُ لِمُحْيِيهَا فَإِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلِلْبَائِعِ فِي صُورَتِهِ إنْ ادَّعَاهَا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَدَّعِهَا الْبَائِعُ فَلُقَطَةٌ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا ذُكِرَ بِمَا إذَا صَادَ مِنْ بَحْرِ الْجَوَاهِرِ وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهَا بَلْ تَكُونُ لُقَطَةً. اهـ قَالَ م ر وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي التَّهْذِيبِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْكَنْزِ بِأَنَّ الدُّرَّةَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ لِلسَّمَكَةِ فَتَتْبَعُهَا وَاعْتَمَدَ مَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِبَحْرِ الْجَوَاهِرِ مَا يُخْلَقُ فِيهِ وَلَوْ نَادِرًا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْجَرَادُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَرْدِ وَهُوَ بَرِّيٌّ وَبَحْرِيٌّ وَبَعْضُهُ أَصْفَرُ وَبَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَعْضُهُ أَحْمَرُ وَبَعْضُهُ كَبِيرُ الْجُثَّةِ وَبَعْضُهُ صَغِيرُهَا) فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيضَ الْتَمَسَ الْمَوَاضِعَ الصُّلْبَةَ وَضَرَبَهَا بِذَنَبِهِ فَتَنْفَرِجُ. ثُمَّ يُلْقِي فِيهَا بَيْضَهُ وَيَكُونُ حَاضِنًا لَهُ وَمُرَبِّيًا وَلَهُ سِتَّةُ أَرْجُلٍ يَدَانِ فِي صَدْرِهِ وَقَائِمَتَانِ فِي وَسَطِهِ وَرِجْلَانِ فِي مُؤَخِّرِهِ وَطَرَفُ رِجْلَيْهِ صَفْرَاوَانِ، وَفِيهِ خِلْقَةُ عَشْرَةٍ مِنْ جَبَابِرَةِ الْبَوَادِي وَجْهُ فَرَسٍ، وَعَيْنُ فِيلٍ، وَعُنُقُ ثَوْرٍ، وَقَرْنُ أَيْلٍ وَصَدْرُ أَسَدٍ وَبَطْنُ عَقْرَبٍ، وَجَنَاحَا نَسْرٍ، وَفَخِذَا جَمَلٍ، وَرِجْلَا نَعَامَةٍ، وَذَنَبُ حَيَّةٍ، وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَكْثَرُ إفْسَادًا مِنْهُ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَتَيْت الْبَادِيَةَ فَرَأَيْت رَجُلًا يَزْرَعُ بُرًّا فَلَمَّا قَامَ أَيْ الْبُرُّ عَلَى سُوقِهِ وَجَادَ سُنْبُلُهُ جَاءَ إلَيْهِ جَرَادٌ فَجَعَلَ الرَّجُلَ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ الْعَمَلُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
مَرَّ الْجَرَادُ عَلَى زَرْعِي فَقُلْت لَهُ ... لَا تَأْكُلَنَّ وَلَا تُشْغَلْ بِإِفْسَادِ
فَقَامَ مِنْهُمْ خَطِيبٌ فَوْقَ سُنْبُلَةٍ ... إنَّا عَلَى سَفَرٍ لَا بُدَّ مِنْ زَادِ
وَلُعَابُهُ سُمٌّ عَلَى الْأَشْجَارِ وَلَا يَقَعُ عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَفْسَدَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَأَسْنَدَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كُنَّا عَلَى مَائِدَةٍ نَأْكُلُ أَنَا وَأَخِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَنُو عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ وَالْقَاسِمُ وَالْفَضْلُ أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ فَوَقَعَتْ جَرَادَةٌ عَلَى الْمَائِدَةِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ لِي مَا مَكْتُوبٌ عَلَى هَذِهِ؟ فَقُلْت: سَأَلْت أَبِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْت عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا رَبُّ الْجَرَادِ وَرَازِقُهَا إنْ شِئْت بَعَثْتهَا رِزْقًا لِقَوْمٍ وَإِنْ شِئْت بَعَثْتهَا بَلَاءً عَلَى قَوْمٍ» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا مِنْ الْعِلْمِ الْمَكْنُونِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتَّمِائَةٍ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَإِنَّ أَوَّلَ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْجَرَادُ فَإِذَا هَلَكَ الْجَرَادُ تَتَابَعَ هَلَاكُ الْأُمَمِ» . وَإِنَّمَا صَارَ الْجَرَادُ أَوَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ هَلَاكًا لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ الطِّينَةِ الَّتِي فَضَلَتْ مِنْ خَلْقِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَحَكَى الْقَزْوِينِيُّ أَنَّ هُدْهُدًا قَالَ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ ضَيْفِي أَنْتَ وَعَسْكَرُك يَوْمَ كَذَا بِجَزِيرَةِ كَذَا فَحَضَرَ سُلَيْمَانُ بِجُنُودِهِ فَأَتَى الْهُدْهُدُ بِجَرَادَةٍ مَيِّتَةٍ فَأَلْقَاهَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ: كُلُوا فَمَنْ فَاتَهُ اللَّحْمُ أَدْرَكَ الْمَرَقَ فَضَحِكَ مِنْهُ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَفِي هَذَا قِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute