للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ» فَيَحِلُّ أَكْلُهُمَا وَبَلْعُهُمَا. وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ السَّمَكَ الْمَشْهُورَ، كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَفَرَسٍ، وَكُرِهَ قَطْعُهُمَا حَيَّيْنِ. وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُمَا إلَّا سَمَكَةً كَبِيرَةً يَطُولُ بَقَاؤُهَا فَيُسَنُّ ذَبْحُهَا وَيَحْرُمُ مَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضِفْدَعٍ وَسَرَطَانٍ، وَيُسَمَّى عَقْرَبَ الْمَاءِ، وَحَيَّةٍ وَنَسْنَاسٍ وَتِمْسَاحٍ وَسُلَحْفَاةٍ، بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِخُبْثِ لَحْمِهَا وَلِلنَّهْيِ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَاءَتْ سُلَيْمَانَ يَوْمَ الْعَرْضِ هُدْهُدَةٌ ... أَهْدَتْ إلَيْهِ جَرَادًا كَانَ فِي فِيهَا

وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الْحَالِ قَائِلَةً ... إنَّ الْهَدَايَا عَلَى مِقْدَارِ مُهْدِيهَا

لَوْ كَانَ يُهْدَى إلَى الْإِنْسَانِ قِيمَتُهُ ... لَكَانَ يُهْدَى لَك الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا

قَوْلُهُ: (فَيُسَنُّ ذَبْحُهَا) أَيْ مِنْ الذَّيْلِ لِأَنَّهُ أَصْفَى لِلدَّمِ.

قَوْلُهُ: (كَضِفْدِعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَعَكْسِهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ، وَمِنْ خَوَاصِّهِ: أَنَّهُ لَا عَظْمَ لَهُ وَأَنَّهُ إذَا كُفِئَ طَشْتٌ فِي بِرْكَةٍ هُوَ فِيهَا مَنَعَ مِنْ نَقِيقِهِ فِيهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَفِي كِتَابِ الزَّاهِرِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَأُسَبِّحَنَّ اللَّهَ اللَّيْلَةَ تَسْبِيحًا مَا يُسَبِّحُهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ فَنَادَتْهُ ضِفْدِعَةٌ مِنْ سَاقِيَةٍ فِي دَارِهِ يَا دَاوُد تَفْتَخِرُ عَلَى اللَّهِ بِتَسْبِيحِك وَإِنَّ لِي لَسَبْعِينَ سَنَةً مَا جَفَّ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَإِنَّ لِي لَعَشْرَ لَيَالٍ مَا طَعِمْت خَضِرًا وَلَا شَرِبْت مَاءً اشْتِغَالًا بِكَلِمَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هُمَا؟ قَالَتْ يَا مُسَبَّحًا بِكُلِّ لِسَانٍ وَمَذْكُورًا بِكُلِّ مَكَان. فَقَالَ دَاوُد فِي نَفْسِهِ وَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّمَا حُرِّمَ الضِّفْدَعُ لِأَنَّهُ كَانَ جَارَ اللَّهِ فِي الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْعَرْشُ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَالَ تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] . اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: وَسَرَطَانٍ وَهُوَ مِنْ خَلْقِ الْمَاءِ وَيَعِيشُ فِي الْبَرِّ أَيْضًا وَهُوَ جَيِّدُ الْمَشْيِ سَرِيعُ الْعَدْوِ ذُو فَكَّيْنِ وَمِخْلَبٍ وَأَظْفَارٍ حِدَادٍ وَلَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْجُلٍ وَهُوَ يَمْشِي عَلَى جَنْبٍ وَاحِدٍ وَيَسْتَنْشِقُ الْمَاءَ وَالْهَوَاءَ مَعًا، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ لِاسْتِخْبَاثِهِ كَالصَّدَفِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ. وَفِي قَوْلٍ: إنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ اهـ. دَمِيرِيٌّ قَالَ: ع ش عَلَى م ر وَلَيْسَ مِنْ السَّرَطَانِ الْمَذْكُورِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ بِبِلَادِ الصِّينِ نَوْعًا مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ يُسَمُّونَهُ سَرَطَانًا وَشَأْنُهُ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ مِنْ الْبَحْرِ انْقَلَبَ حَجَرًا وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَدْوِيَةِ بَلْ هُوَ مِمَّا يُسَمَّى سَمَكًا لِانْطِبَاقِ تَعْرِيفِ السَّمَكِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَهُوَ طَاهِرٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَحَيَّةٍ) لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ لَا يَعِيشَانِ إلَّا فِي الْبَحْرِ حُرِّمَا أَيْضًا لِلسُّمِّيَّةِ سَمِّ.

قَوْلُهُ: (وَنِسْنَاسٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِهَا. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ فِي مُرُوجِ الذَّهَبِ: إنَّهُ حَيَوَانٌ كَالْإِنْسَانِ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ وَيَتَكَلَّمُ وَمَتَى ظَفِرَ بِالْإِنْسَانِ قَتَلَهُ، وَقَالَ الْقَزْوِينِيُّ إنَّهُ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ بَدَنٍ وَنِصْفُ رَأْسٍ وَيَدٌ وَرِجْلٌ. كَأَنَّهُ إنْسَانٌ شُقَّ نِصْفَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ حَيًّا مِنْ عَادٍ عَصَوْا نَبِيَّهُمْ فَمَسَخَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى نَسْنَاسًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدٌ وَرِجْلٌ يَنْقُرُونَ كَمَا تَنْقُرُ الطَّيْرُ وَيَرْعَوْنَ كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ» دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: وَتِمْسَاحٍ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ وَالرَّجُلِ الْكَذَّابِ، قَالَ الْقَزْوِينِيُّ: التِّمْسَاحُ حَيَوَانٌ عَلَى صُورَةِ الضَّبِّ وَهُوَ مِنْ أَعْجَبِ حَيَوَانِ الْمَاءِ لَهُ فَمٌ وَاسِعٌ، وَسِتُّونَ نَابًا فِي فَكِّهِ الْأَعْلَى وَأَرْبَعُونَ فِي فَكِّهِ الْأَسْفَلِ وَبَيْنَ كُلِّ نَابَيْنِ سِنٌّ صَغِيرَةٌ مُرَبَّعٌ وَيَدْخُلُ بَعْضُهُمَا فِي بَعْضٍ عِنْدَ الِانْطِبَاقِ، وَلِسَانٌ طَوِيلٌ وَظَهْرُهُ كَظَهْرِ السُّلَحْفَاةِ، لَا يَعْمَلُ الْحَدِيدُ فِيهِ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْجُلٍ وَذَنَبٌ طَوِيلٌ وَهَذَا الْحَيَوَانُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نِيلِ مِصْرَ خَاصَّةً وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ فِي بَحْرِ السِّنْدِ أَيْضًا وَهُوَ شَدِيدُ الْبَطْشِ فِي الْمَاءِ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا مِنْ إبْطَيْهِ وَيَعْظُمُ إلَى أَنْ يَكُونَ طُولُهُ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَأَكْثَرَ، وَمِنْ عَجَائِبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ فَإِذَا امْتَلَأَ جَوْفُهُ خَرَجَ إلَى الْبَرِّ وَفَتَحَ فَاهُ فَيَجِيءُ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الْقَطْقَاطُ فَيَلْقُطُ ذَلِكَ مِنْ فِيهِ. وَهُوَ طَائِرٌ صَغِيرٌ يَجِيءُ يَطْلُبُ الطُّعْمَ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ غِذَاءٌ لَهُ، وَرَاحَةٌ لِلتِّمْسَاحِ. وَهَذَا الطَّائِرُ فِي رُءُوسِ أَجْنِحَتِهِ شَوْكٌ فَإِذَا أَغْلَقَ التِّمْسَاحُ فَمَه عَلَيْهِ نَخَسَهُ بِهَا فَيَفْتَحُهُ. اهـ. دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>