للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَبَرِ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» وَلَا مِمَّنْ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَنْذُرُهُ كَمَحْجُورِ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ فِي الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَشُرِطَ فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَيَّ كَذَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ. وَ (يَلْزَمُ) ذَلِكَ بِالنَّذْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا وَوَقَعَ لَهُمَا فِيهِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ مُتَعَلَّقَ اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ: (فِي الْمُجَازَاةِ) أَيْ الْمُكَافَأَةِ (عَلَى) نَذْرِ فِعْلٍ (مُبَاحٍ) لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَرْغِيبٌ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَقُعُودٍ، وَقِيَامٍ أَوْ تَرْكِ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ لَعَلَّهُ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ إذْ النَّذْرُ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ لَا يَنْعَقِدُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فَضْلًا عَنْ لُزُومِهِ. وَلَكِنْ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا تَلْزَمُهُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ لَا اخْتَلَفَ فِيهِ تَرْجِيحُ الشَّيْخَيْنِ فَاَلَّذِي رَجَّحَاهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ اللُّزُومَ؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاَلَّذِي رَجَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ. وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يُوَافِقُ الْأَوَّلَ مَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ كُلِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي الْقُرَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَصِحُّ الْمُقَدَّرُ أَيْ وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ إلَخْ. قَوْلُهُ: (الْمَالِيَّةِ) كَهَذَا الثَّوْبِ خَرَجَ الْبَدَنِيَّةُ وَقَوْلُهُ: الْعَيْنِيَّةِ خَرَجَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَيَصِحُّ مِنْ الْمُفْلِسِ دُونَ السَّفِيهِ لِأَنَّ السَّفِيهَ، لَا ذِمَّةَ لَهُ ح ل وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ نَذْرَ الْعَبْدِ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ ز ي: وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ النَّذْرِ. اهـ. ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر.

وَقَوْلُهُ: الْعَيْنِيَّةِ خَرَجَ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ نَذْرُ الْمَحْجُورِ لَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ سم وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَجْرِ الْفَلَسِ وَالسَّفَهِ ثُمَّ اُنْظُرْ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي السَّفِيهُ هَلْ بَعْدَ رُشْدِهِ أَوْ يُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَا الْتَزَمَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ السَّفِيهَ يُؤَدِّي بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ قِيَاسًا عَلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) فَنَحْوُ مَالِي صَدَقَةٌ لَيْسَ بِنَذْرٍ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ وَكَذَا نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا لِذَلِكَ. فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا وَنَذَرْت لِزَيْدٍ كَذَا كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَ بِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ) مِنْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَةٍ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ ذَلِكَ) أَيْ كَذَا الْمَذْكُورُ فِي الصِّيغَةِ السَّابِقَةِ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّا لَوْ لَمْ نَبْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِالنَّذْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَنَيْنَا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ لَا وَلَا يَصْلُحُ قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ تَعْلِيلًا إلَّا فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَصُومَ فَيَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ قِيَامٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ إلَخْ فَاشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ الْأَمْرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: بِنَاءً عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ. أَيْ وَيَتْبَعُ فِيهِ الْوَاجِبَ بِالشَّرْعِ بِنَاءً إلَخْ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) كَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُبَاحَ هُوَ الْمَنْذُورُ بِأَنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَكْلُ كَذَا أَوْ شُرْبُ كَذَا إلَخْ. فَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ سَهْوٌ وَالتَّصْوِيرُ بِذَلِكَ يَرُدُّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي. لَا يَلْزَمُ النَّذْرُ عَلَى تَرْكِ أَوْ فِعْلِ مُبَاحٍ كَقَوْلِهِ: لَا آكُلُ لَحْمًا إلَخْ قَالَ ق ل: إنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ الْمُلْتَزَمُ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةً هُوَ الْمُلْتَزَمُ لَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: إنْ قَامَ زَيْدٌ أَوْ قَعَدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا صَحَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُجَازَاةِ فَالْمُجَازَاةُ وَاقِعَةٌ بِمَطْلُوبٍ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُسْقِطَ لَفْظَةَ نَذْرِ فِي قَوْلِهِ عَلَى نَذْرِ فِعْلٍ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْذُورُ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ أَوْ كَانَ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ يَمِينًا لَا نَذْرًا فَتَجِبُ فِيهِ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ) يَقْتَضِي أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ عَلَى مُبَاحٍ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَأَيْضًا هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا عَلَى نَذْرِ فِعْلٍ مُبَاحٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْذُورَ هُوَ الْمُبَاحُ نَفْسُهُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُبَاحِ لَا يَنْعَقِدُ يَمِينًا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا وَلَا مُضَافًا لِلَّهِ أَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا فَإِنْ كَانَ نَذْرَ لَجَاجٍ بِأَنْ قُصِدَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَفِيهِ بِالْمُخَالَفَةِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِانْعِقَادِهِ يَمِينًا وَإِنْ كَانَ مُضَافًا لِلَّهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْيَمِينَ كَأَنْ قَصَدَ بِهِ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ لَزِمَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُعَلَّقِ نَذْرُ لَجَاجٍ بَلْ تَبَرُّرٍ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحَثَّ فِي الْمُضَافِ إلَى اللَّهِ فَلَا شَيْءَ فِي الْمُخَالَفَةِ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (اللُّزُومُ) أَيْ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ نَذْرٌ) الْمُنَاسِبُ لِأَنَّهُ يَمِينٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ إنْ خَلَا عَنْ الْحَثِّ وَالْمَنْعِ وَتَحْقِيقِ الْخَبَرِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>