للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْوَسِيطِ، وَاسْتَنَدَ فِيهِ إلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُفْتِي التَّيَقُّظُ وَقُوَّةُ الضَّبْطِ قَالَ وَالْقَاضِي أَوْلَى بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَكِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لَا اشْتِرَاطُهُ.

تَنْبِيهٌ: هَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ الضَّعِيفَتَانِ الْمَوْعُودُ بِهِمَا وَأَمَّا الْمَتْرُوكَتَانِ: فَالْأَوْلَى كَوْنُهُ نَاطِقًا فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْأَخْرَسِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ كَالْجَمَادِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّى مُخْتَلُّ نَظَرٍ؛ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْكِفَايَةَ اللَّائِقَةَ بِالْقَضَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ ضَعِيفَ النَّفْسِ جَبَانًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَكُونُ عَالِمًا دِينًا وَنَفْسُهُ ضَعِيفَةٌ عَنْ التَّنْفِيذِ وَالْإِلْزَامِ وَالسَّطْوَةِ فَيُطْمَعُ فِي جَانِبِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَهْلِيَّةَ أَحَدٍ وَلَّاهُ، وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ حَالِهِ كَمَا اخْتَبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا، وَلَوْ وُلِّيَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ مَعَ وُجُودِ الصَّالِحِ لَهُ وَالْعِلْمِ بِالْحَالِ أَثِمَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَصَابَ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فِي شَخْصٍ جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَوَلَّى السُّلْطَانُ لَهُ شَوْكَةً فَاسِقًا مُسْلِمًا أَوْ مُقَلِّدًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ

لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ

فَخَرَجَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرُ إذَا وُلِّيَ بِالشَّوْكَةِ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ فَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِنُفُوذِهِ مِنْهُمَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلِلْعَادِلِ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ مِنْ الْأَمِيرِ الْبَاغِي. فَقَدْ سُئِلَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ ذَلِكَ لِمَنْ اسْتَقْضَاهُ زِيَادٌ فَقَالَتْ: إنْ لَمْ يَقْضِ لَهُمْ خِيَارُهُمْ قَضَى لَهُمْ شِرَارُهُمْ.

فُرُوعٌ: يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ إعَانَةً لَهُ فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ اسْتَخْلَفَ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ. فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِخْلَافِ اسْتَخْلَفَ مُطْلَقًا فَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ، وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ كَشَرْطِ الْقَاضِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

غُرُورٍ بِأَنْ يَغُرَّهُ شَخْصٌ بِنَقْلٍ مُخَالِفٍ لِمَا حَكَمَ بِهِ وَلَمْ يَأْتِهِ بِهِ فَيُمْسِكُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ غَيْرُ الْمُتَيَقِّظِ فَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ الِاخْتِيَارُ حِينَئِذٍ لِكُلِّ مَنْ طَلَبَ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ شَخْصًا بَعْدَ حُكْمِهِ فِي قَضِيَّةٍ بِنَقْلٍ يَمْتَحِنُهُ بِهِ فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ إبْطَالِهِ أَبْقَاهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ إلَخْ) فِي م ر خِلَافُهُ وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ وَكَتَبَ أج عَلَى قَوْلِهِ: اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ ضَعِيفٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُتَيَقِّظِ بِمَا ذَكَرَهُ فَإِنْ فُسِّرَ بِشَدِيدِ الْحِذْقِ وَالضَّبْطِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ فِي شَخْصٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ م ر وَعِ ش وَقَوْلُ ع ش لَيْسَ بِقَيْدٍ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ وَلَوْ وُلِّيَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَوَلَّى سُلْطَانٌ) خَرَجَ بِالسُّلْطَانِ غَيْرُهُ كَقَاضِي الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ غَيْرَ الْأَهْلِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ مَا وَلَّاهُ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (شَوْكَةٍ) عِبَارَةُ م ر أَوْ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ اهـ. فَتَوْلِيَةُ السُّلْطَانِ مُطْلَقًا صَحِيحَةٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَا شَوْكَةٍ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ م ر وحج: فَوَلَّى سُلْطَانٌ أَوْ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ غَيْرَهُ بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِهِ انْعَزَلَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ اسْتَرَدَّ مِنْهُ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَالُ.

قَوْلُهُ: (طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر فَتَضْعِيفُ الْمُحَشِّي لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَعِبَارَتُهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ لِلضَّرُورَةِ وَلِذَا قَالَ م ر وَلَوْ جَاهِلًا. قَوْلُهُ: (لِمَنْ اسْتَقْضَاهُ زِيَادٌ) أَيْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ زِيَادٌ وَكَانَ أَخَا الْحَجَّاجِ وَكَانَ أَمِيرًا بَاغِيًا وَكَانَ الَّذِي اسْتَقْضَاهُ عَادِلًا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَقْضِ لَهُمْ خِيَارُهُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْضَوْا بِأَنْ يَقْضِيَ لَهُمْ خِيَارُهُمْ وَهُوَ الَّذِي وَلَّاهُ زِيَادٌ قَضَى لَهُمْ شِرَارُهُمْ وَهُوَ زِيَادٌ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ نَحْوُ الْعِشْرِينَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ) أَيْ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ م د.

قَوْلُهُ: (اسْتَخْلَفَ) وَلَوْ بَعْضَهُ أَيْ أَبَاهُ وَابْنَهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ إلَخْ) وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ فِي كُلِّ أَحْوَالِك وَلَوْ فَوَّضَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ أَنْ يَخْتَارَ قَاضِيًا لَمْ يَخْتَرْ نَفْسَهُ وَلَا أَصْلَهُ وَلَا فَرْعَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَغَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ. اهـ. م ر ع ش. قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>